الامام عبد القاهر الجرجاني ، وعصري يجمع بين الدلالتين اللفظة والمعنوية في مدى تلاؤمها بتصور ذهني.
ولعل أحدث مقياس لدلالتها ما أكده الدكتور جابر أحمد عصفور باعتبارها طريقة من طرق التعبير الذي تحدث في المعنى ميزة ، وتكسبه طابعاً تأثيرياً في منهج أسلوبه عند تقديم العمل الأدبي ، إلا أنه بهذا يلصقها بالمعنى دون النظر لأهمية الشكل ، ولعله بذلك يفصل بين اللفظ والمعنى ، أو اللغة والفكرة ، قصد لذلك أو لم يقصد.
فالصورة ـ كما تبدو لي من خلال هذه المقارنة ـ عبارة عن العلاقة القائمة بين اللفظ والمعنى في نص أدبي ، والحصيلة عن اقترانهما ، فهي غيرهما منفصلين ، وهي امتداد لهما مجتمعين ، فليست هي اللفظ بمفرده شكلاً فارغاً رناناً ، ولا المعنى بذاته مضموناً ذهنياً مجرداً ، ولكنها الخصائص المشتركة بينهما ، والتي تتقوم بها شخصية النص الأدبي ، وتتميز عن غيرها من النصوص بما تحمله من أحاسيس وانفعالات قد لا يوحي ظاهر اللفظ ، ولا يحققها مجرد المعنى ، ولكنها مزيج بين دلائل اللفظ ، وإيحائية المعنى في تحقيق نموذج أدبي ، أو تمييز نص عن نص ، بما تضفيه صياغة الشكل في علاقاته الاستعارية ، وما تمليه خصائص المعنى في تأثيره وأحاسيسه.
أو هي ـ بإيجاز ـ مجموعة العلاقات اللغوية والبيانية والإيحائية القائمة بين اللفظ والمعنى ، أو الشكل والمضمون.
وعلى هذا فالصورة أداة فنية لاستيعاب أبعاد الشكل والمضمون بما لهما من مميزات. وما بينهما من وشائج تجعل الفصل بينهما مستحيلاً.
فالصورة ـ إذن ـ وحدة لا تنفصم ، ذات طرفين : إطار ومادة ، ولا يتقوم الجهد الأدبي إلا بلحاظ طرفيه ، ولا يتم تفسيره إلا بمواجهتهما معاً ، وإلا فالنتاج الأدبي عمل جاف لا ينبض بالحس ، ولا يتسم بالحياة ، والجفاف لا يكون أثراً صالحاً في مقياس فني.