أي ثم السلام عليكما.
ومعناه : بالله تكوّنت الموجودات ، وبه قامت المخلوقات. وأدخلوا الاسم فيه ليكون فرقا بين المتيمّن والمتيمّن به. فأمّا معنى الاسم ، فهو المسمى وحقيقة الموجود ، وذات الشيء وعينه ونفسه واسمه ، وكلها تفيد معنى واحدا. والدليل على أن الاسم عين المسمّى قوله تعالى : (إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى) (١) ، فأخبر أنّ اسمه يحيى ، ثمّ نادى الاسم وخاطبه فقال : (يا يَحْيى) (٢). فيحيى هو الاسم ، والإسم هو يحيى.
وقوله تعالى : (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها) (٣) وأراد الأشخاص المعبودة ؛ لأنهم كانوا يعبدون المسمّيات.
وقوله تعالى : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) (٤) ، و (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) (٥).
وقوله صلىاللهعليهوسلم : «لتضربنّ مضر عباد الله حتّى لا يعبد له اسم» (٦) [١٣] أي حتى لا يعبد هو.
ثم يقال : رأينا للتسمية اسم ، واستعمالها في التسمية أشهر وأكثر من استعمالها في المسمّى ، ولعل الاسم أشهر ، وجمعه : أسماء ، مثل قنو وأقناء ، وحنو وأحناء ، فحذفت الواو للاستثقال ، ونقلت حركة الواو إلى الميم فأعربت الميم ، ونقل سكون الميم إلى السين فسكنت ، ثم أدخلت ألف مهموزة لسكون السين ؛ لأجل الابتداء يدلّك عليه التصغير والتصريف يقال : سميّ وسميّة ؛ لأن كل ما سقط في التصغير والتصريف فهو غير أصلي. واشتقاقه من (سما) (يسمو) ، فكأن المخبر عنه بأنه معدوم ما دام معدوما فهو في درجة يرتفع عنها إذ وجد ، ويعلو بدرجة وجوده على درجة عدمه. والإسم الذي هو العبارة والتسمية للمخبر والصفة للمنظر.
وأصل الصفة ظهور الشيء وبروزه ، والله أعلم.
فأمّا ما ورد في تفسيرها بتفصيلها فكثير ، ذكرت جلّ أقاويلها في حديث وحكاية.
أخبرنا الأستاذ أبو القاسم بن محمد بن الحسن المفسّر ، حدّثنا أبو الطيّب محمد بن أحمد ابن حمدون المذكر ، أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد ، حدّثنا أحمد بن هشام الأنطاكي ، حدّثنا الحكم بن نافع عن إسماعيل بن عبّاس عن إسماعيل عن يحيى عن أبي مليكة عن مسعود بن عطيّة العوفي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن عيسى بن
__________________
(١) سورة مريم : ٧.
(٢) سورة مريم : ١٣.
(٣) سورة يوسف : ٤٨.
(٤) الأعلى : ١.
(٥) الرّحمن : ٧٨.
(٦) مجمع الزوائد : ٧ / ٣١٣.