وقال أهل البصرة : أصلها (لاه) ، فألحقت بها الألف واللام ، فقالوا : (الله). وأنشدوا :
كحلفة من أبي رباح |
|
يسمعها الآهه الكبار (١) |
فأخرجه على الأصل.
وقال بعضهم : أدخلت الألف واللام بدلا من الهمزة المحذوفة في (إله) ، فلزمتا الكلمة لزوم تلك الهمزة لو أجريت على الأصل ، ولهذا لم يدخل عليه في النداء ما يدخل على الأسماء المعرّفة من حروف التشبيه ، فلم يقولوا : يا أيها الله.
دفع أقاويل أهل التأويل في هذا الاسم مبنيّة على هذين القولين (٢) ... ثمة ، واختلفوا فيه ؛ فقال الخليل بن أحمد وجماعة : (الله) اسم علم موضوع غير مشتق بوجه ، ولو كان مشتقّا من صفة كما لو كان موصوفا بتلك الصفة أو بعضها ، قال الله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (٣).
(الله) : اسم موضوع لله تعالى لا يشركه فيه أحد ، قال الله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) ، يعني : أن كل اسم مشترك بينه وبين غيره ؛ له على الحقيقة ولغيره على المجاز إلّا هذا الاسم فإنه مختص به لأن فيه معنى الربوبيّة. والمعاني كلها تحته ، ألا ترى أنك إذا أسقطت منه الألف بقي لله ، وإذا أسقطت من لله اللام الأولى بقي (له) ، وإذا أسقطت من (له) اللام بقي هو.
قالوا : وإذا أطلق هذا الاسم على غير الله فإنما يقال بالإضافة كما يقال : لاه كذا أو ينكر فيقال : لله كما قال تعالى إخبارا عن قوم موسى عليهالسلام : (اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ) (٤). وأما (الله) ، و (الإله) فمخصوصان لله تعالى.
وقال قوم : أصله (لاها) بالسريانية ، وذلك أن في آخر أسمائهم مدّة ، كقولهم للروح : (روحا) ، وللقدس : (قدسا) ، وللمسيح : (مسيحا) ، وللابن : (ابنا) ، فلما طرحوا المدّة بقي (لاه) ، فعرّبه العرب وأقرّوه.
ولا اشتقاق له ، وأكثر العلماء على أنه مشتق ؛ واختلفوا في اشتقاقه ، فقال النضر بن إسماعيل : هو من التألّه ، وهو التنسّك والتعبّد ، قال رؤبة :
لله در الغانيات المدّه |
|
سبحن واسترجعن من تألهي (٥) |
ويقال : أله إلاهة ، كما يقال : عبد عبادة. وقرأ ابن عباس : (ويذرك وإلهتك) أي عبادتك ؛ فمعناه عبادتك المعبود الذي تحقّ له العبادة.
__________________
(١) الصحاح : ٦٧ / ٢٢٤٨.
(٢) بياض في المخطوط.
(٣) سورة مريم : ٦٥.
(٤) سورة الأعراف : ١٣٨.
(٥) الصحاح : ٦ / ٢٢٤٩.