ذلك ، كان معروفا بالسماحة والبذل والجود والعطاء والعطف والمحبة والفداء والتضحية في سبيل الهدف المقدس ، والعقيدة التوحيدية المباركة.
فهو الذي تكفل رسول الله منذ توفى عنه جده وكفيله الاول عبد المطلب وهو آنذاك في الثامنة من عمره ، وتولى العناية به والقيام بشؤونه ، وحفظه وحراسته في السفر والحضر ، باخلاص كبير واندفاع وحرص لا نظير لهما ، بل وبقى يدافع عن رسالة التوحيد ، والدين الحق الذي جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وآله ويقوم في سبيل ارساء قواعده ونشر تعاليمه ، بكل تضحية وفداء ويتحمل لتحقيق هذه الاهداف العليا كل تعب ونصب وعناء.
وقد انعكست هذه الحقيقة وتجلى موقفه هذا في كثير من اشعاره وابياته المجموعة في ديوانه بصورة كاملة مثل قوله :
ليعلم خيار الناس أن محمدا |
|
نبي كموسى والمسيح بن مريم (١) |
الم تعلموا انا وجدنا محمدا |
|
رسولا كموسى خط في اول الكتب (٢) |
ان من المستحيل ان تصدر امثال هذه التضحيات التي كان ابرزها محاصرة بنى هاشم جميعا في الشعب ومقاطعتهم القاسية ، من دافع غير الايمان العميق بالهدف والشغف الكبير بالمعنوية ، الذي كان يتصف به أبو طالب ، إذ لا يستطيع مجرد الوشائج العشائرية ، وروابط القربى ، ان توجد في الانسان مثل هذه الروح التضحوية.
ان الدلائل على ايمان ابى طالب بدين ابن اخيه تبلغ من الوفرة والكثرة بحيث استقطبت اهتمام كل المحققين المنصفين والمحايدين ، ولكن بعض المتعصبين توقف في ايمان تلك الشخصية المتفانية العظيمة ، بالدعوة المحمدية بينما تجاوز فريق هذا الحد إلى ما هو ابعد من ذلك ، حيث قالوا بانه مات غير مؤمن.
ولو صحت عشر هذه الدلائل الدالة على ايمان ابى طالب الثابتة في كتب التاريخ والحديث ، في حق رجل آخر لما شك احد في ايمانه فضلا عن اسلامه ولكن
__________________
(١) و (٢) مجمع البيان ج ٤ ص ٣٧