وقال أهل المعاني : جعل هاهنا صلة والعرب تريد جعل في الكلام.
وقال أبو عبيدة : وقد جعلت أرى الإثنين أربعة والواحد إثنين لمّا هدّني الكبر (١) مجاز الآية : الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض والظلمات والنور ، وقيل : معناه خلق السماوات والأرض وقد جعل الظلمات والنور لأنه خلق الظلمة والنور قبل خلق السماوات والأرض.
وقال قتادة : خلق الله السماوات قبل الأرض والظلمة قبل النور والجنة قبل النار.
وقال وهب : أول ما خلق الله مكانا مظلما ثم خلق جوهرة فصارت ذلك المكان ، ثم نظر إلى الجوهرة نظر الهيئة فصارت دما فارتفع بخارها وزبدها ، فخلق من البخار السماوات ومن الزبد الأرضين.
وروى عبد الله بن عمرو عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله عزوجل خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم من نوره فمن أصابه يومئذ من ذلك النور اهتدى ومن أخطأه ضلّ» (٢) [١٢٨] (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ).
قال قطرب : هو مختصر يعني (الَّذِينَ كَفَرُوا) بعد هذا البيان (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) الأوثان أي يشركون وأصله من مساواة الشيء بالشيء يقال : عدلت هذا بهذا إذا ساويته به.
وقال النضر بن شميل : الباء في قوله : (بِرَبِّهِمْ) بمعنى عن ، وقوله : (يَعْدِلُونَ) من العدول. أي يكون ويعرفون.
وأنشد :
وسائلة بثعلبة بن سير |
|
وقد علقت بثعلبة العلوق (٣) |
وأنشد :
شرين بماء البحر ثم ترفعت |
|
متى لجج خضر لهن نئيج (٤) |
أي من البحر قال الله تعالى : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) أي منها.
محمد بن المعافى عن أبي صالح عن ابن عباس قال : فتح أول الخلق بالحمد لله ، فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وختم بالحمد ، فقال : (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي : ١ / ٢٢٨.
(٢) فتح الباري : ١١ / ٤٣٠.
(٣) مراده بقوله : بن سير : بن سيار ، والبيت للمفضل البكري انظر الصحاح : ٢ / ٦٩٢.
(٤) تفسير الطبري : ٢٩ / ٢٥٨.