(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) الآية.
قال الكلبي : أتى أهل مكة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : ما وجد الله رسولا غيرك وما نرى أحدا يصدقك فيما تقول ولو سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أنه ليس لك عندهم ذكر فأرنا من يشهد أنك رسول الله كما تزعم ، فأنزل الله (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) فإن أجابوك وإلّا فقل (قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) على ما أقول (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ) وخوفكم يا أهل مكة (بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) يعني ومن بلغه القرآن من العجم وغيرهم.
قال الفراء : والعرب تضمر الهاء في مصطلحات التشديد (من) و (ما) فيها وإن الذي أخذت مالك ، ومالي أخذته ، ومن أكرمت [أبرّ به] بمعنى أكرمته.
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «يا أيها الناس بلغوا عني ولو آية من كتاب الله فإن من بلغته آية من كتاب الله فقد بلغه أمر الله أخذه أو تركه» (١) [١٣٠].
وقال الحسن بن صالح : سألت ليثا : هل بقي أحد لم يبلغه الدعوة.
قال : كان مجاهد يقول حيثما يأتي القرآن فهو داع وهو نذير ، ثم قرأ هذه الآية.
فقال مقاتل : من بلغه القرآن من الجن والإنس فهو نذير له.
وقال محمد بن كعب القرضي : من بلغه القرآن فكأنما رأى محمدا عليهالسلام وسمع منه (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) ولم يقل آخر والآلهة جمع لأن الجمع يلحق التأنيث كقوله تعالى (فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى) (٢). (قُلْ) يا محمد إن أشهدوكم أنتم و (لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يعني التوراة والإنجيل (يَعْرِفُونَهُ) يعني محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته وصفته (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) أي من الصبيان.
قال الكلبي : لما قدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، قال عمر بن الخطاب رضياللهعنه لعبيد الله بن سلام : إن الله قد أنزل على نبيّه (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) فكيف هذه المعرفة؟ فقال عبد الله : يا عمر قد عرفته فيكم حين رأيته بنعته وصفته كما أعرف ابني إذا رأيته مع الصبيان يلعب ولأنا أشدّ معرفة بمحمّد صلىاللهعليهوسلم مني بابني ، قال : وكيف؟ قال : نعته الله عزوجل في كتابنا ، فلا أدري ما أحدث النساء ، فقال عمر : وفقك الله يا ابن سلام (٣)
(الَّذِينَ خَسِرُوا) غبنوا (أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وذلك إن لكل عبد منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا كان يوم القيامة جعل الله لأهل الجنة منازل أهل النار في الجنة وجعل لأهل النار منازل أهل الجنة في النار (وَمَنْ أَظْلَمُ) أكفر.
__________________
(١) جامع البيان : ٧ / ٢١٥.
(٢) سورة طه : ٥١.
(٣) زاد المسير بتفاوت : ٣ / ١٣ ، والدر المنثور : ١ / ١٤٧.