وقال أبو هريرة : في هذه الآية يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطيور وكل شيء فيبلغ من عذاب الله يومئذ أن يأخذ الجماء من القرناء ثم يقول : كوني ترابا فعند ذلك (يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (١).
وقال عطاء : فإذا رأوا بني آدم وما فيه من الجزية ، قلت الحمد لله الذي لم يجعلنا مثلكم فلا جنة نرجو ولا نارا نخاف ، فيقول الله عزوجل لهم كونوا ترابا فحينئذ يتمنى الكافر أن يكون ترابا.
وعن أبي ذر قال : بينا أنا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا انتطحت عنزان فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «أتدرون فيما انتطحا» (٢) [١٣٣] قالوا : لا ندري ، قال : لكن الله يدري ويقضي بينهما (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) محمد والقرآن (صُمٌ) لا يسمعون الخبر (وَبُكْمٌ) لا يتكلمون ، الخبر (فِي الظُّلُماتِ) في ضلالات الكفر (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ) يموتون على كفرهم (وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) قائم وهو الإسلام (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) أي هل رأيتم والكاف فيه للتأكيد ، (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) يوم بدر وأحد والأحزاب وحنين ، (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) في صرف العذاب ، (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ثم قال (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ) تخلصون (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ) تتركون (ما تُشْرِكُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ) فكفروا (فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ) الفقر والجوع (وَالضَّرَّاءِ) المرض والزمانة (لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) يؤمنون ويتوبون ويخضعون ويخشعون.
(فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا) عذابنا (تَضَرَّعُوا) فآمنوا فكشف عنهم (وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الكفر والمعصية (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) أي أنكروا ما وعظوا وأمروا به (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) أي بدلناهم مكان البلاء والشدة بالرخاء في العيش والصحة في الأبدان (حَتَّى إِذا فَرِحُوا) أعجبوا (بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً) فجأة أمن ما كانوا بالعجب ما كانت الدنيا لهم ، (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) يئسون من كل خير.
قال السدي : هالكون ، ابن كيسان : خاضعون ، وقال الحسن : منصتون.
وقرأ عبد الرحمن السلمي : مُبْلَسُونَ بفتح اللام مفعولا بهم أي مؤيسون. وأصل الإبلاس الإطراق من الحزن والندم.
وقال مجاهد : الإبلاس الفضيحة. وقال : ابن زيد المبلس الذي قد نزل به الشر الذي لا يدفعه.
__________________
(١) سورة النبأ : ٤٠.
(٢) جامع البيان : ٧ / ٢٤٨.