على أشجار [وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ] (١) إلّا عليها مكتوب : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، رزق فلان ابن فلان وذلك قوله تعالى في محكم كتابه (وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ)» (٢) [١٤٠].
(إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ) أي يقبض أرواحكم في منامكم (وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ) وأصله من [جارحة] اليد.
ثم قيل لكل عليك جارح أي عضو من أعضائه عمل ومنه [الزرع الجيد] ، ويقال لا ترك الله له جارحا أي عبدا ولا أمة يكسب له (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ) أي ينشركم ويوقظكم (فِيهِ) في النار (لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) يعني أجل الحياة إلى الممات حتى ينقضي أثرها ورزقها.
فقرأ أبو طلحة وأبو رجاء لنقضي بالنون المفتوحة أجلا نصب ، وفي هذا إقامة الحجة على منكري البعث يعني كما قدرت على هذا فكذلك أقدر على بعثكم بعد الموت.
وقال : مكتوب في التوراة : يا ابن آدم كما تنام كذلك تموت وكما توقظ كذلك تبعث (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) في الآخرة (ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ) يخبركم ويجازيكم (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) يعني الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم وهو جمع حافظ ، ونظيره قوله (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ) (٣) قال عمر بن الخطاب رضياللهعنه : ومن الناس من يعيش شقيّا جاهل القلب ، غافل اليقظة ، فإذا كان ذا وفاء ورأى حذر الموت واتقى الحفظة ، إنما الناس راحل ومقيم الذي راح للمقيم عظة (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا) يعني أعوان ملك الموت يقبضونه ثم يدفعونه إلى ملك الموت (وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ) لا يعصون ولا يضيعون.
وقرأ عبيد بن عمر : لا يُفْرِطُونَ بالتخفيف معنى لا يجاوزون الحد (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ) يعني الملائكة وقيل : يعني العباد (مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ) القضاء في خلقه (وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ) يعني لا يحتاج إلى رويّة ولا تقدير (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) إذا ضللتم الطريق وخفتم الهلاك (تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) وقرأ عاصم : (وَخُفْيَةً) وهما لغتان. وقرأ الأعمش وخيفة من الخوف كالذي في الأعراف (لَئِنْ أَنْجانا) الله (مِنْ هذِهِ) أي ويقولون لئن أنجيتنا من هذه يعني الظلمات (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) من المؤمنين (قُلِ اللهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ) حزن (ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ * قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ) يعني
__________________
(١) هكذا في المصدر.
(٢) تفسير القرطبي : ٧ / ٤.
(٣) سورة الإنفطار : ١٠.