(فَمُسْتَقَرٌّ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب : فَمُسْتَقِرٌّ بكسر القاف على الفاعل يعني فلكم مستقر. وقرأ الباقون : بفتح على معنى فلكم مستقر.
واختلف المفسرون في المستقر والمستودع. فقال عبد الله بن مسعود : (فَمُسْتَقَرٌّ) في الرحم إلى أن يوادع (مُسْتَوْدَعٌ) في القبر إلى أن يبعث.
وقال مقسم : مستقر حيث يأوي إليه ، (وَمُسْتَوْدَعٌ) حيث يموت.
وقال سعيد بن جبير : (فَمُسْتَقَرٌّ) في بطون الأمهات ، (وَمُسْتَوْدَعٌ) في أصلاب الآباء.
وقال : قال لي ابن عباس رضياللهعنه أتزوجت يا ابن جبير؟ فقلت : لا وما أريد ذلك بوجه. قال : فضرب ظهري وقال : إنه مع ذلك ما كان مستودع في ظهرك فسيخرج.
عكرمة عن ابن عباس : المستقر الذي قد خلق واستقر في الرحم ، والمستودع الذي قد استودع في الصلب مما لم يخلق بعد وهو خالقه.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : المستقر في الرحم ، والمستودع ما استودع في أصلاب الرجال والدواب.
مجاهد : (فَمُسْتَقَرٌّ) على ظهر الأرض في الدنيا. (وَمُسْتَوْدَعٌ) عند الله تعالى في الآخرة.
وقال أبو العالية : (مُسْتَقَرَّها) أيام حياتها ، (وَمُسْتَوْدَعَها) حيث تموت وحيث يبعث.
وقال كرب : دعاني ابن عباس رضياللهعنه فقال : اكتب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من عبد الله بن عباس إلى فلان حبر تيماء ، أما بعد فحدثني عن مستقر (وَمُسْتَوْدَعٌ). قال : ثم بعثني بالكتاب إلى اليهودي فأعطيته إياه ، فقال : مرحبا بكتاب خليلي من المسلمين فذهب إلى بيته ففتح أسفاطا له كثيرة فجعل يطرح تلك الأشياء لا يلتفت إليها. قال : قلت له : ما شأنك؟ قال : هذه أشياء كتبها اليهود ، حتى أخرج سفر موسى فنظر إليه مرتين فقال : مستقر في الرحم ومستقر فوق الأرض ومستقر تحت الأرض ومستقر حيث يصير إلى الجنة أو إلى النار ، ثم قرأ : (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ). وقرأ : (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (١).
فقرأ الحسن : المستقر في القبر ، والمستودع في الدنيا ، وكان يقول : يا ابن آدم أنت وديعة في أهلك يوشك أن تلحق ، بصاحبك وأنشد قول لبيد :
وما المال والأهلون إلا وديعة |
|
ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع (٢) |
__________________
(١) تفسير الطبري : ٧ / ٣٧٧.
(٢) لسان العرب : ٨ / ١٩٠.