وقيل : (اللَّطِيفُ) : الذي يكون عطاؤه خير ومنعه ذخيرة. وأصل اللطيف دقة النظر في جميع الأشياء (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) يعني الحجج البينة التي يبصرون بها الهدى من الضلال والحق من الباطل.
قال الكلبي : يعني بينات القرآن.
(فَمَنْ أَبْصَرَ) يعني عرفها وآمن بها (فَلِنَفْسِهِ) عمل وحظه أصاب وإياها بغى الخير (١) (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) عنها فلم يعرفها ولم يصدقها.
وقرأ طلحة بن مصرف : ومن عمّي بضم العين وتشديد الميم على المفعول التي تدل عليها ، يقول : فنفسه ضر وإليها أساء لا إلى غيره (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) رقيب أحصي إليكم أعمالكم وإنما أنا رسول (أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي) وهو الحفيظ عليكم الذي لا يخفى عليه شيء من أفعالكم (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ) نبينها في كل وجه لندعوكم بها (وَلِيَقُولُوا) وليلا يقولوا إذا قرأت عليهم القرآن (دَرَسْتَ) أي تلوت وقرأت يا محمد بغير ألف قرأه جماعة منهم أبي رجاء وأبي وائل والأعرج ومعظم أهل العراق وأهل الحجاز ، وكان عبد الله بن الزبير يقول : إن صبيانا يقرءونها دارست بالألف وإنما هي (دَرَسْتَ).
وقرأ علي ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو : دارست بالألف يعني قارأت أهل الكتاب وتعلمت منهم تقرأ عليهم يقرءوا عليك.
وقال ابن عباس : يعني جادلت وخاصمت ، وكذلك كان يقرأها ، وقرأ قتادة : دُرِسَتْ بمعنى قرئت وتليت.
وقرأ الحسن وابن عامر ويعقوب : دَرَسَتْ بفتح الدال والراء وجزم التاء بمعنى تقادمت وانمحت وقرأ ابن مسعود وأبي طلحة والأعمش : دَرَسَ بفتحها يعنون النبي درس الآيات (وَلِنُبَيِّنَهُ) يعني القول والتحريف والقرآن (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ اتَّبِعْ) يا محمد (ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) يعني القرآن اعمل به (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) فلا تجادلهم ولا تعاقبهم (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) رقيبا. ويقال ربا.
قال عطاء : (وَما جَعَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) تمنعهم مني (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) والإعراض منسوخ بآية السيف. وهذه الآية نزلت حين قال المشركون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إلى دين آبائك.
وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ
__________________
(١) تفسير الطبري : ٧ / ٣٩٧.