(وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) قرأ ابن كثير : ضيْقا بالتخفيف. والباقون : بالتشديد وهي لغتان مثل هين وهيّن ، ولين وليّن ، (حَرَجاً) كسر أهل المدينة ، راءه وفتحها الباقون وهما لغتان مثل الأنف والأنف ، والفرد والفرد ، والوعد والوعد.
وقال سيبويه : الحرج بالفتح المصدر كالصلب والحلب ومعناه ذا حرج ، والحرج بالكسر الإسم وهو أشد الضيق ، يعني قلبه ضيقا لا يدخله الإيمان.
وقيل : أثيما لقول العرب : حرج عليك ضلمي أي ضيق وأثم. وقال السدي : حرجها شاكا. وقال قتادة : ملتبسا.
وقال النضر بن شميل : ملقا. وقال ليس للخير فيه منفذ.
وقال عبيد بن عمير. قرأ ابن عباس : هذه الآية ، فقال : هل هاهنا أحد من بني بكر؟ فقال.
رجل : نعم ، قال : ما الحرج فيكم؟ قال : الوادي الكثير الشجر المتمسك الذي لا طريق فيه.
قال ابن عباس : كذلك قلب الكافر.
وقال أبو الصلت الثقفي وعمر بن الخطاب رضياللهعنه : هذه الآية (ضَيِّقاً حَرَجاً) بنصب الراء. وقرأ بعض من عنده من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم حَرِجاً بالكسر. فقال عمر : ابعثوا إلى رجل من كنانة وجعلوه راعيا فأتوه به فقال له عمر : يا فتى ما الحرجة فيكم؟ قال الحرجة فينا الشجرة التي تكون بين الأشجار التي لا يصل إليها راعية ولا وحشية ولا شيء.
فقال عمر رضياللهعنه : كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شيء من الخير (كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) يعني يشق عليه الإيمان ، ويمتنع ويعجز عنه كما يشق عليه صعود السماء.
واختلف القراء في ذلك ، فقرأ أهل المدينة وأبو عمرو وحمزة والكسائي : (يَصَّعَّدُ) بتشديد الصاد والعين بغير ألف أي يصعد فأدغمت التاء في الصاد.
فاختاره أبو حاتم وأبو عبيد [اعتزازا] بقراءة عبد الله كأنما يتصعد في السماء.
وقرأ طلحة وعاصم وأبو عبيد والنخعي ومجاهد : بالألف مشددا بمعنى تصاعد (١).
وقرأ ابن كيسان وابن [محيصن] ، والأعرج وأبو رجاء : يَصْعُدُ حقيقة (٢).
(كَذلِكَ يَجْعَلُ اللهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) قال مجاهد : الرجس ما لا خير فيه.
ابن زيد : الرجس العذاب مثل الرجز. وقال ابن عباس : هو الشيطان الذي يسلطه عليه.
وقال الكلبي : هو المأثم ، وقيل : هو النجس. ويقال : رجس رجاسة ونجس نجاسة (٣).
__________________
(١) راجع تفسير الطبري : ٨ / ٤٢.
(٢) أي من الصعود.
(٣) راجع تفسير القرطبي : ٧ / ٨٣.