(وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) من قبل دينهم [فأبيّن] لكلّ قوم ما كانوا [يعبدون] وإن كانوا على هدى شبّهته عليهم حتّى أخرجتهم منه (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) من قبل الشهوات واللذات فأزيّنها لهم (١).
وقال شقيق بن إبراهيم : ما من صباح إلّا وقعد لي الشيطان على أربعة مراصد من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ، أما من بين يدي فأقول : لا تحزن فإنّ الله غفور رحيم ، ويقول ذلك (لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٢).
وأمّا من خلفي فتخوّفني الضيعة على عيالي ومحللي فأقول (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (٣).
وأما من قبل يميني فيأتيني من قبل [الثناء] فأقول (وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ).
وأمّا من قبل شمالي فيأتيني من قبل الشهوات واللّذات فأقول (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) (٤).
(وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) قال الله عزوجل لإبليس (قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً) أي معيبا والذيم والذأم أشد العيب ، وهو أبلغ من الذم ، يقال : ذمّه يذمّه ذمّا فهو مذموم [وذائمه يذائمه] ذأما [فهو مذءوم وذامه] بذمة ذيما ، مثل سار يسير ، فهو مذيم والمدحور [المقصي] يقال : دحره يدحره دحرا إذا أبعده وطرده (٥).
قال ابن عباس : مذءوم عنه (مَذْؤُماً مَدْحُوراً) يعني غير مطرودا إذ قال الربيع ومجاهد : (مَذْؤُماً) [ممقوتا] وروى عطيّة : (مَذْؤُماً) مقوتا ، أبو العالية : (مَذْؤُماً) [مزريا] به.
وقال الكلبي : (مَذْؤُماً) ملوما (مَدْحُوراً) مقصيا من الجنّة ومن كل خير ، وقال عطاء : (مَذْؤُماً) ملعونا.
وقال الكسائي : المذؤوم المقبوح. وقال النضير بن شميل : المذؤوم [المحبوس] وقال أبان عن ثعلب والمبرّد : المذؤوم المعيب.
قال الأعشى :
وقد قالت قبيلة إذ رأتني |
|
وإذ لا تعدم الحسناء ذأما (٦) |
__________________
(١) راجع تفسير الطبري : ٨ / ١٨٠.
(٢) سورة طه : ٨٢.
(٣) سورة هود : ٦.
(٤) سورة سبأ : ٥٤.
(٥) راجع مجمع البحرين : ٢ / ٨٢ وتاج العروس : ٨ / ٣٠٠.
(٦) في لسان العرب : ١٢ / ٢٢٣ وفي المثل : لا تعدم الحسناء ذاما ، وذكر شعر لأنس المحاربي :
وكنت مسودا فينا حميدا |
|
وقد لا تعدم الحسناء ذاما |
.