وقال أهل الحق من المتكلمين : أحدث الله فعلا سماه استواء ، وهو كالإتيان والمجيء والنزول [وهي] صفات أفعاله.
روى الحسن عن أم سلمة في قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (١) قالت : الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والنزول به إيمان والجحود به كفر.
عن محمد بن شجاع البلخي قال : سئل مالك بن أنس عن قول الله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) كيف استوى؟ قال : الكيف مجهول والاستواء غير معقول والإيمان واجب فالسؤال عنه بدعة.
وروى محمد بن شعيب بن شابور عن أبيه أن رجلا سأل [الأوزاعي] في قوله تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) فقال : هو على العرش كما وصف نفسه ، وإني لأراك رجلا ضالا.
وبلغني أن رجلا سأل إسحاق بن الهيثم الحنظلي فقال : كيف استوى على العرش أقائم هو أم قاعد؟
فقال : يا هذا إنما يقعد من يمل القيام ويقوم من يمل القعود وغير هذا أولى لك ألّا تسأل عنه.
والعرش في اللغة السرير.
وقال آخرون : هو ما علا وأظل ، ومنه عرش الكرم ، وقيل : العرش الملك.
قال زهير :
تداركتما الاحلاف قد ثل عرشها |
|
وذبيان قد زلت بأقدامها النعل (٢) |
(يُغْشِي) [يطمس] (اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً) مسرعا (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ) أي مذلّلات (بِأَمْرِهِ) وقرأ أهل الشام بالرفع على الابتداء والخبر (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) سمعت أبا القاسم [الحبيبي] يقول : سمعت أبا عبد الله محمد بن نافع التاجر بهرات الشجري يقول : سمعت أبا زيد حاتم بن محبوب السامي يقول : سمعت عبد الجبار ابن العلاء العطّار يقول : سألت سفيان بن عيينة عن قوله (أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ) فقال : فرق الله بين الخلق والأمر ومن جمع بينهما فقد كفر.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم يحمد الله على [ما عمل من] عمل صالح وحمد نفسه فقد
__________________
(١) سورة طه : ٥.
(٢) الصحاح : ٤ / ١٣٤٦.