ولم يقل : ضمنتا لأنّها مصدر. وقال أبو عمر بن العلاء : القريب في اللغة على ضربين قريب قرب [مقربه أبوابه] كقول العرب : هذه المرأة قريبة منك إذا كانت بمعنى القرابة وهذه المرأة قريب منك إذا كانت بمعنى المسافة والمكان. قال امرؤ القيس :
له الويل إن أمسى ولا أم هاشم |
|
قريب ولا البسباسة ابنة يشكر (١) |
وقال أبو عبيدة : القريب والبعيد يكونان للتأنيث والتذكير واحتج بقول عروة بن الورد :
خشيته لا عفراء منك قريبة |
|
فتدنوه ولا عفراء منك بعيد |
وقال أبو عبيدة : القريب والبعيد إذا كانا اسمين استوى فيهما المذكر والمؤنث وان بنيتهما على قربت وبعدت فهي قريبة وبعيدة.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً) قرأ عاصم (بُشْراً) بالباء المضمومة والشين المجزومة يعني أنّها تبشّر بالمطر يدلّ عليه قوله : (الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) (٢).
وروى عنه بُشُراً بضم الباء والشين على جمع البشير مثل نذير و [نذار].
وهي قراءة ابن عباس. وقرأ غيره من أهل الكوفة نُشْراً بفتح النون وجزم الشين وهو الريح الطيبة اللينة.
قال امرؤ القيس :
كان المدام وصوب الغمام |
|
وريح الخزامي ونشر القطر |
وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس وزر بن حبيش ، واختاره أبو عبيد لقوله : (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) وقرأ أهل الحجاز والبصرة نُشُراً بضم النون والشين واختياره أبو حاتم فقال : هي جمع نشور مثل صبور وصابر ، وشكور وشاكر. وهي الرياح التي تهب من كل ناحية وتجيء من كل [وجه] وقرأ الحسن وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن وابن عامر نُشْراً بضم النون وجزم الشين على التخفيف.
وقرأ مسروق (نَشَراً) بفتحتين أراد منشورا [كالمقبض] والقبض (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) يعني قدّام المطر (حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ) حملت (سَحاباً ثِقالاً) المطر (سُقْناهُ) رد الكناية إلى لفظ السحاب (لِبَلَدٍ مَيِّتٍ) يعني إلى بلد.
وقيل : معناه [لأجل] بلد لا نبات له (فَأَنْزَلْنا بِهِ) أي السحاب وقيل : بالبلد (الْماءَ) يعني المطر ، وقال أبو بكر بن عيّاش : لا تقطر من السماء قطرة حتّى يعمل فيها أربع : رياح
__________________
(١) لسان العرب : ١ / ٦٦٣.
(٢) سورة الروم : ٤٦.