بال هذا يدعو ربين اثنين ، فأنزل الله (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) وهو تأنيث الأحسن كالكبرى والأكبر والصغرى والأصغر ، والأسماء الحسنى هي (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ ... الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ) ونحوها.
الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة غير واحدة ، من أحصاها كلّها دخل الجنّة» [٢٠١] (١).
(وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ). قال ابن عباس : يكذبون ، وقال قتادة : يشركون ، وقال عطاء : ظامئون ، زيد بن أسلم : يميلون عن الحق. ابن عباس ومجاهد : هم المشركون.
وإلحادهم في أسماء الله عزوجل أنهم عدلوا بها عمّا هي عليه فسموا بها أوثانهم وزادوا فيها ونقصوا منها فاشتقوا اللات من الله تعالى والعزّى من العزيز ومنات من المنّان.
وقال أهل المعاني : الإلحاد في أسماء الله تعالى يسميه بما لم يسم به ولا ينطق به كتاب ولا دعا إليه رسول ، وأصل الإلحاد الميل والعدول عن القصد ومنه لحد القبر. فيقال : ألحد يلحد إلحادا ولحد يلحد لحدا ولحودا إذا مال.
وقد قرئ بهما جميعا فقرأ يحيى بن رئاب والأعمش وحمزة : بفتح الياء والحاء هاهنا وفي النحل (رحم). وقرأ الباقون : بضم الياء وكسر الحاء وهما لغتان [صحيحتان].
وأمّا الكسائي فإنّه قرأ التي في النحل بفتح الياء والحاء وفي الأعراف (رحم) بالضم وكل يفرق بين الإلحاد واللحود فيقول : الإلحاد العديل عن القصد واللحد واللحود الركون ، ويزعم أن التي في النحل يعني الركون (سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) في الآخرة (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ) عصبة (يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) قال قتادة وابن جريج : بلغنا أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قرأ هذه الآية فقال : هي أحق بالحق يأخذون ويقضون ويعطون وقد أعطى القوم بين أيديكم مثلها (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)» [٢٠٢].
قال الربيع بن أنس : قرأ النبيّ صلىاللهعليهوسلم هذه الآية فقال : «إن من أمتي قوما على الحق حتّى ينزل عيسى» عليهالسلام [٢٠٣] (٢).
عن عمير بن هاني قال : سمعت معاوية على هذا المنبر يقول : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : لا يزال من أمّتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من غالطهم حتّى يأتي أمر الله عزوجل ، وهم ظاهرون على الناس» [٢٠٤] (٣).
__________________
(١) مسند أحمد : ٢ / ٤٩٩.
(٢) تفسير القرطبي : ٧ / ٣٢٩.
(٣) مسند أحمد : ٤ / ١٠١.