جَمَعُوا لَكُمْ) (١) مفردا ، تم الكلام هاهنا ثمّ قال : (فَتَعالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) يعني أهل مكة.
واختلف العلماء في تأويل الشرك المضاف إلى آدم وحواء فقال المفسرون : كان شركاء في التسمية والصفة لا في العبادة والربوبية.
وقال أهل المعاني : أنهما لم يذهبا إلى أن الحرث ربهما بتسميتهما ولدهما عبد الحرث لكنهما قصدا إلى أن الحرث سبب نجاة الولد وسلامة أمّه فسمياه ، كما [يسمى] ربّ المنزل ، وكما يسمي الرجل نفسه عبد ضيفه على جهة الخضوع له لا على أن الضيف ربّه.
كما قال حاتم :
وإنّي لعبد الضيف ما دام ثاويا |
|
وما فيّ إلّا تلك من شيمة العبد (٢) |
وقال قوم من أهل العلم : إن هذا راجع إلى المشركين من ذرية آدم وإن معناه جعل أولادهما له شركاء فحذف الأولاد وأقامهما مقامهم كقوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٣) وكما أضاف فعل الآباء إلى الأبناء في تفريقهم بفعل آبائهم ، فقال لليهود الذين كانوا في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ). وقال (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها). وقال سبحانه : (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ) (٤) ونحوها ، ويدل عليه ما روى معمر عن الحسن قال : عني بهذا من أشرك من ذرية آدم ولم يكن عنى آدم.
وروى قتادة عنه قال : هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا ونصّروا.
وقال ابن كيسان : هم الكفار (جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ) عبد العزى وعبد مناة.
وقال عكرمة : لم يخص بها آدم ولكن جعلها عامة لجميع بني آدم من بعد آدم.
قال الحسين بن الفضل : وهذا حجب إلى أهل النظر لما في القول الأول من إلصاق العظائم بنبي الله آدم عليهالسلام ويدل عليه جمعه في الخطاب حيث قال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) ، ثمّ قال : (فَلَمَّا تَغَشَّاها) انصرف من ذلك الخطاب إلى الخبر يعني فلما تغشى الرجل منكم امرأته.
قال الله عزوجل : (أَيُشْرِكُونَ) يعني كفار مكة (ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) يعني الأصنام.
قال ابن زيد : ولد لآدم ولد فسمياه عبد الله فاتاهما إبليس فقال : ما سميتما ابنكما هذا؟
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٧٣.
(٢) تاريخ دمشق : ١٦ / ٤٢١.
(٣) سورة يوسف : ٨٢.
(٤) سورة البقرة : ٩١.