قال الكلبي : إن إبليس أتى حواء في صورة رجل لما أثقلت في أول ما حملت فقال : ما هذا الذي في بطنك قالت : ما أدري ، قال : إني أخاف أن يكون بهيمة ، فقالت ذلك لآدم ، فلم يزالا في نعم من ذلك ثمّ عاد إليها فقال : إني من الله [منزّل] فإن دعوت الله فولدت إنسانا [أتسمّينه فيّ] قالت : نعم ، قال : فإنّي أدعوا الله فأتاها وقد ولدت فقال : سميه باسمي ، فقالت : وما اسمك؟ قال : الحارث ، ولو سمّى نفسه لعرفته فسمته عبد الحارث (١).
وقال سعيد بن جبير : لما هبط آدم وحواء عليهماالسلام الأرض ألقيت الشهوة في نفس آدم فأصابها فحملت فلما تحرك ولدها في بطنها جاءها إبليس فقال ما هذا [ما ترين] في الأرض إلّا ناقة أو بقرة أو ضائنة أو [ماعزة] أو نحوها فما يدريك ما في بطنك لعله كلب أو خنزير أو حمار وما يدريك من أين يخرج أمن دبرك فيقتلك أو أذنك أو عينيك أو فيك أو يشق بطنك فيقتلك ، فخافت حواء من ذلك قال : فأطيعيني وسميه عبد الحرث. وكان اسمه في الملائكة الحرث ، تلدين شبيهكما مثلكما ، فذكرت ذلك لآدم فقال : لعلّه صاحبنا الذي قد علمت ، فعاودها إبليس فلم يزل بهما حتّى غرهما فسمّياه عبد الحرث (٢).
قال السدي : ولدت حواء غلاما فأتاها إبليس فقال سموه بي وإلّا قتلته ، قال له آدم : قد أطعتك فأخرجتني من الجنّة ، فأبى أن يطيعه فمات الغلام ، فحملت بآخر فلما ولدته قال لهما مثل ذلك فأبيا أن يطيعاه ، فمات الولد ، فحملت بآخر فأتاهما وقال لهما : إذ غلبتماني فسمياه عبد الحرث ، وكان اسم إبليس الحرث.
ولم يشعروا به فوالله لا أزال أقتلهم حتّى تسمياه عبد الحرث. كما قتلت الأول والثاني فسمياه عبد الحرث فعاش.
وقال ابن عباس : كانت حواء تلد لآدم فتسميه عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن ونحو ذلك فيصيبهم الموت فأتاهما إبليس فقال : إن [وعدتكما] أن يعيش لكما ولد فسمياه عبد الحرث فولدت ابنا فسمياه عبد الحرث ففيهما أنزل الله عزوجل (فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً) أي ولدا بشرا سويا حيا آدميا (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ).
قرأ ابن عباس وسعيد بن جبير وأبان بن ثعلب وعاصم وعكرمة وأهل المدينة شِرْكاً بكسر الشين والتنوين أي شركه.
قال أبو عبيدة : أي حظا ونصيبا من غيره ، وقرأ الباقون (شُرَكاءَ) مضمومة الشين ممدودة على جمع شريك أخبر عن الواحد بلفظ الجمع ، لقوله تعالى (الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ
__________________
(١) أنظر تفسير القرطبي : ٧ / ٣٣٨.
(٢) تحفة الأحوذي : ٨ / ٣٦٧.