تعالى (قُلْ) يا محمد (لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا) أي اجتناب نفع ولا دفع (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أي أملكه بتمليكه إياي (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) يعني المال وتهيأت لسنة القحط ما يكفيها (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) وما مسّني الله [بسوء].
وقال ابن جريج : (قُلْ لا أَمْلِكُ (لِنَفْسِي) نَفْعاً وَلا ضَرًّا) يعني الهدى والضلالة (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ) متى أموت (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) من العمل الصالح (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ).
قال ابن زيد : فاجتنبت ما يكون من الشر وأتقيه. قال بعض أهل المعاني : ((لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ) من معرفته حتّى لا يخفى عليّ شيء (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) يعني التكذيب.
وقال مقاتل : هذا متصل بالكلام الأول معناه : لا أقدر أن [أسوق] لنفسي خيرا أو أدفع عنها شرا حتّى ينزل بي فكيف أعلم وأملك علم الساعة؟ وتمام الكلام قوله : (لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ) ، ثم ابتدأ فقال : (وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) [يعني الجنون].
وقيل يعني لم يلحقني تكذيب (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يصدقون.
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (١٨٩) فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٩٠) أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (١٩٢) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ (١٩٣) إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (١٩٤) أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنظِرُونِ (١٩٥)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) يعني آدم عليهالسلام (وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها) خلق منها حواء (لِيَسْكُنَ إِلَيْها) يستأنس إليها ويأوي إليها لقضاء حاجته (فَلَمَّا تَغَشَّاها) واقعها وجامعها (حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً) وهو ماء الرجل خفيف عليها (فَمَرَّتْ) أي استمرت (بِهِ) وقامت وقعدت ولم تكثرت بحملها ، يدل عليه قراءة ابن عباس : فاستمرت به.
وقال قتادة : (فَمَرَّتْ بِهِ) أي استبان حملها. وقرأ يحيى بن يعمر (فمرت) خفيفة الراء من المرية أي : شكّت أحملت أم لا؟ (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) أي كبر الولد في بطنها وتحرك وصارت ذات ثقل بحملها كما يقال : أثمر إذا صار ذا ثمر (دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما) يعني آدم وحواء (لَئِنْ آتَيْتَنا) يا ربنا (صالِحاً).
قال الحسن : غلاما ذكرا. وقال الآخرون : بشرا سويّا مثلنا (لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) وذلك أنهما أشفقا أن يكون بهما أو شيئا سوى آدمي أو غير سوي.