(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) قال ابن عباس : قال [وجيل] بن أبي فشير وسموأل بن زيد : وهما من اليهود : يا محمد أخبرنا متى الساعة إن كنت نبيا كما تقول فلنعلم متى هي؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال قتادة : قالت قريش لمحمد صلىاللهعليهوسلم : إن بيننا وبينك قرابة فأنشر إلينا متى الساعة فأنزل الله (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ) يعني القيامة (أَيَّانَ) متى ، ومنه قول الراجز :
أيان تقضي حاجتي أيانا |
|
أما ترى لنجحها إبانا (١) |
(مُرْساها) قال ابن عباس : ومنتهاها ، وقال قتادة : قيامها. وأصل الكلمة الثبات والحبس (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) استأثر بعلمها (لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ... لا يُجَلِّيها) لا يكشفها ولا يظهرها.
وقال مجاهد : لا يأتي بها ، وقال السدي : [لا يرسلها] (لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يعني ثقل علمها على أهل السموات والأرض لخفائها فلا يعرفو مجيئها ووقتها فلم يعلم قيامها ملك مقرّب ولا نبي مرسل.
وقال الحسن : يقول إذا جاءت ثقلت على السموات والأرض وأهلها وكبرت وعظمت وذلك أنها إذا جاءت انشقت السموات وانتثرت النجوم وكورت الشمس و (سُيِّرَتِ الْجِبالُ). وليس من الخلق شيء إلّا ويصيبه ضرر الساعة وثقلها ومشقتها (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) فجأة على غفلة منكم.
سعيد عن قتادة قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول «إن الساعة تهيج الناس والرجل يصلح حوضه والرجل يسقي ماشيته والرجل يقيم سلعته في السوق ويخفض ميزانه ويرفعه» [٢٠٥] (٢).
وعن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «قال جبرئيل : تقوم الساعة عند ثلاث مواطن : إذا كثر القول وقلّ العمل وعند قلّة المواشي حتّى يمضي كل رجل ممّا عنده ، وإذا قال الناس من يذكر الله فيها بدعة» [٢٠٦].
(يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) قال أهل التفسير في الآية تقديم وتأخير تقديرها. يسألونك عنها كأنّك حفي أي [بار فيهم] صديق لهم قريب ، قاله ابن عباس وقتادة ، وقال مجاهد والضحاك : كأنّك عالم بها وقد يوضع عن موضع مع الياء (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) إلى قوله (نَفْعاً وَلا ضَرًّا).
فقال ابن عباس : إن أهل مكة قالوا : يا محمد ألا يخبرك بالسعر الرخيص قبل أن يغلا فتشتريه فتربح فيه ، والأرض الذي تريد أن تجذب فترتحل منها إلى ما قد أخصبت فأنزل الله
__________________
(١) تفسير الطبري : ٩ / ١٨٤ ، ولسان العرب : ١٣ / ٤.
(٢) تفسير ابن كثير : ٢ / ٢٨٢.