ثمّ قال للكفّار (وَإِنْ تَنْتَهُوا) عن الكفر بالله وقتال نبيّه صلىاللهعليهوسلم (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا) لقتاله وحربه (نَعُدْ) بمثل الواقعة التي أوقعت لكم يوم بدر (١).
وقيل : (وَإِنْ تَعُودُوا) إلى هذا القول وقتال محمد صلىاللهعليهوسلم (وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ) [قرأ] أهل المدينة والشام : (وَأَنَّ اللهَ) بفتح الألف ، والمعنى : ولأن الله ، وقيل : هو عطف على قوله (وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ).
وقرأ الباقون بالكسر على الاستئناف ، واختلفوا فيه وقراءة أبي حاتم (لأن) في قراءة عبد الله : والله مع المؤمنين.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ) ولا تدبروا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) أمره وليّه.
قال ابن عباس : (وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ) القرآن ومواعظه (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا) يعني المنافقين والمشركين الذين سمعوا كتاب الله بآذانهم فقالوا سمعنا (وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) يعني لا يتّعظون بالقرآن ولا ينتفعون بسماعهم وكأنهم لم يسمعوا الحقيقة.
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (٢٢) وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ (٢٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٥) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٢٦)
(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِ) يعني أن شرّ [الدواب] على وجه الأرض من خلق الله (عِنْدَ اللهِ) فقال الأخفش : كل محتاج إلى غذا فهو دابة.
(الصُّمُّ الْبُكْمُ) عن الحق كأنّهم لا يسمعون ولا ينطقون.
قال ابن زيد : هم صم القلوب وبكمها وعميها. وقرأ (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢).
وقال ابن عباس وعكرمة : هم بنو عبد الدار بن قصي كانوا يقولون نحن صمّ بكم عمّي عن
__________________
(١) راجع تفسير القرطبي : ٧ / ٣٨٧.
(٢) سورة الحج : ٤٦.