وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) بأبصارهم الظاهرة (أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) وهذا تسلية من الله تعالى لنبيّه صلىاللهعليهوسلم يقول ما لا تقدر أن تسمع من سلبته السمع ، ولا تقدر أن تخلق للأعمى بصرا يهتدي به فكذلك لا تقدر أن توفقهم للإيمان وقد حكمت عليهم أن لا يؤمنوا (إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً) لأنه في جميع أفعاله عادل.
(وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بالكفر والمعصية وفعلهم ما ليس لهم أن يفعلوا [وألزمهم] ما ليس للفاعل أن يفعله.
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) قال الضحاك : (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) في الدنيا (إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ) قصرت الدنيا في أعينهم من هول ما استقبلوا ، وقال ابن عباس : (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) في قبورهم إلّا قدر ساعة (مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) حين بعثوا من القبور يعرف بعضهم بعضا كمعرفتهم في الدنيا ثم تنقطع المعرفة إذا عاينوا أهوال القيامة (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ. وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) يا محمد في حياتك (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) من العذاب (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) قبل ذلك (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) في الآخرة (ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلى ما يَفْعَلُونَ) مجزيهم به.
قال المفسرون : فكان البعض الذي أراه قبلهم ببدر وسائر العذاب بعد موتهم (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) خلت (رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ) فكذبوه (قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) أي عذبوا في الدنيا واهلكوا بالحق والعدل.
وقال مجاهد ومقاتل : (فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ) يوم القيامة (قُضِيَ) بينه و (بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لا يعذبون بغير ذنب ولا يؤاخذون بغير حجة ولا ينقصون من حسناتهم ويزادوا على سيئاتهم (وَيَقُولُونَ) أي المشركون (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الذي وعدتنا يا محمد من العذاب.
وقيل : قيام الساعة (إِنْ كُنْتُمْ) أنت يا محمد وأتباعك (صادِقِينَ. قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً) لا أقدر لها على ضرّ ولا نفع (إِلَّا ما شاءَ اللهُ) أن أملكه (لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ) مدة [وأجل] (إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) وقت [انتهاء] أعمارهم (فَلا يَسْتَأْخِرُونَ) يتأخرون (ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ. قُلْ) لهم (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ) الله (بَياتاً) ليلا (أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ) المشركون وقد وقعوا فيه (أَثُمَ) هنالك وحينئذ ، وليس بحرف عطف (إِذا ما وَقَعَ) نزل العذاب (آمَنْتُمْ بِهِ) صدقتم بالعذاب في وقت نزوله.
وقيل : بأنه في وقت البأس (آلْآنَ) فيه إضمار أي ، وقيل : أنّهم الآن يؤمنون (وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) وتكذبون (ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) أشركوا (ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ) اليوم (إِلَّا بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) في الدنيا.
وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ