وقيل : هي لام العاقبة ولام الصيرورة يعني أعطاهم ليضلّوا [......] (١) (آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) ، وقيل : هي لام أي آتيتهم لأجل ضلالهم عقوبة لهم كقوله : (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) أي لأجل إعراضكم عنهم ، ولم يحلفوا لتعرض عنهم.
(رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) ، قال عطية ومجاهد : أعفها ، فالطمس : المحو والتعفية ، وقال أكثر المفسرين : امسخها وغيّرها عن هيئتها ، قال محمد بن كعب القرضي : جعل سكّتهم حجارة ، وقال قتادة : بلغنا أن زروعهم صارت حجارة ، وقال ابن عباس : إن الدراهم والدنانير صارت حجارة منقوشة كهيئتها صحاحا وأثلاثا وأنصافا. قال ابن زيد : صارت حجارة ذهبهم ، ودراهمهم وعدسهم وكل شيء ، وقال السدّي : مسخ الله أموالهم حجارة ، النخل والثمار والدقيق والأطعمة ، وكانت احدى الآيات التسع.
(وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) يعني : واطبع عليها حتى لا تلين ولا تنشرح للإيمان.
(فَلا يُؤْمِنُوا) قيل : هو نصب جواب الدعاء بالفاء ، وقيل : عطف على قوله : ([لِيُضِلُّوا]).
قال الفراء : هو دعاء ومحله جزم كأنه : اللهم فلا يؤمنوا وقيل : معناه فلا آمنوا.
(قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) [وقرأ علي والسملي : «دعواتكما» بالجمع وقرأ ابن السميقع : قد أجبت دعوتكما] خبرا عن الله تعالى.
كقول الأعشى :
فقلت لصاحبي لا تعجلانا |
|
بنزع أصوله واجتز شيحا (٢) |
(فَاسْتَقِيما) على الرسالة والدعوة ، وامضيا لأمري إلى أن يأتيهم عقاب الله.
قال ابن جريج : مكث فرعون بعد هذا الدعاء أربعين سنة.
(وَلا تَتَّبِعانِ) نهي بالنون الثقيلة ومحله جزم ويقال في الواحد لا تتبعن ، فيفتح النون لالتقاء الساكنين ، وتكسر في التثنية لهذه العلة. وقرأ ابن عامر بتخفيف النون لأن نون التوكيد تثقّل وتخفف.
(سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) يعني : ولا تسلكا طريق الذين يجهلون حقيقة وعدي فتستعجلان قضائي ؛ فإن قضائي ووعدي لا خلف لهما ، ووعيدي نازل بفرعون وقومه.
(وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ) الآية ، وذلك أن الله تعالى أمر موسى عليهالسلام أن يخرج ببني إسرائيل من مصر و [تبعا] بنو إسرائيل من القبط [فأخرجهم] بعلة عرس لهم وسرى
__________________
(١) بياض بالمخطوط.
(٢) جامع البيان للطبري : ١١ / ٢٠٨ ، وفي الصحاح (لا تحبسانا) بدل (لا تعجلانا) الصحاح : ٣ / ٨٦٨.