قيل ذلك ، ويؤتى بصاحب المال ، فيقول الله له : ألم أوسّع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ قال : بلى رب ، قال : فماذا عملت فيما آتيتك؟
قال : كنت أصل الرحم وأتصدّق ، فيقول الله له : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله تعالى : بل أردت أن يقال : فلان جواد فقد قيل ذلك. ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له : في ماذا قتلت؟ فيقول : أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت ، فيقول الله : كذبت ، وتقول الملائكة : كذبت ، ويقول الله : بل أردت أن يقال فلان جريء ، فقد قيل ذلك» ثم ضرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم على ركبتي فقال : «يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة» [٩٣] (١).
قال الوليد : وأخبرني غيره أن شقيا دخل على معاوية وأخبره بهذا عن أبي هريرة فقال معاوية : وقد فعل بهؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية [وضرب خدّيه] حتى ظننّا أنه هالك ، ثم أفاق معاوية لا يمسح وجهه وقال : صدق الله ورسوله (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها) وقرأ إلى قوله : (باطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ (١٧) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (١٩) أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ (٢٠) أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٢١) لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ (٢٢))
(أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ) بيان وحجة (مِنْ رَبِّهِ) وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) يتبعه من يشهد له ويصدقه.
واختلفوا في هذا الشاهد فقال ابن عباس وعلقمة وإبراهيم ومجاهد والضحاك وأبو صالح وأبو العالية وعكرمة : هو جبريل عليهالسلام ، وقال الحسن رضياللهعنه : هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقال الحسن وقتادة : هو لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقال محمد بن الحنفية : قلت لأبي أنت التالي؟ قال : وما تعني بالتالي؟ قلت : قوله : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) قال : وددت أني هو ولكنه لسان رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وقال بعضهم : الشاهد صورة
__________________
(١) كنز العمّال : ٣ / ٤٦٩ ، ح ٧٤٦٩.