وقال الراجز :
يوم عصيب يعصب الأبطالا |
|
عصب القوي السلم الطوالا (١) |
وذلك أن لوطا عليهالسلام لم يكن يعلم أنهم رسل الله في تلك الحال ، وعلم من قومه ما هم عليه من إتيان الفواحش فخاف عليهم ، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عن أضيافه قال قتادة والسدّي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه الصلاة والسلام نحو قرية لوط فأتوا لوطا وهو في أرض يعمل فيها ، وقد قال الله تعالى لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوطا أربع شهادات ، واستضافوه فانطلق معهم ، فلمّا خشي عليهم ، قال لهم : ما بلغكم ، أمر هذه القرية؟ قالوا : وما أمرهم؟ قال : أشهد بالله إنها لشرّ قرية في الأرض عملا يقول ، ذلك أربع مرات ، فدخلوا معه منزله ، ولم يعلم بذلك أحد إلّا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، وقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط.
(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) قال ابن عباس وقتادة والسدّي : يسرعون ، ومجاهد : يهرولون ، الضحاك : يسعون ، ابن عيينة : كأنهم يدفعون ، شمر بن عطية : مشي بين الهرولة والجمزى (٢) ، الحسن : مشي بين مشيتين ، قال أهل اللغة : يقال : أهرع الرجل من برد وغضب أو أهرع إذا أرعد فهو مهرع إذا كان معجلا مسرعا ، قال مهلهل :
فجاءوا يهرعون وهم أسارى |
|
يقودهم على رغم الأنوف (٣) |
وقال الراجز :
بمعجلات نحوه مهارع (٤)
(وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) أي من قبل مجيء الرسل إلى لوط كانوا يأتون الرجال في أدبارهم ، فقال لهم لوط حين قصدوا أضيافه وظنوا أنهم غلمان : (يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) واختلفوا في معنى قوله ، قال محمد بن الفضل : يعني على شريعة الإسلام. وقال تميم : فلعلّ ذلك إلّا إذا كان تزويجه بناته من الكفرة جائزا كما زوج النبي صلىاللهعليهوسلم بنتيه من عتبة بن أبي لهب وأبي العاص بن الربيع قبل الوحي وكانا كافرين ، وقال مجاهد وسعيد بن جبير : أراد بقوله (بَناتِي) : النساء ، وكلّ نبي أبو أمّته. وقرأ بعض القراء (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) وهو أب لهم ، وقال بعضهم : كان لهم سيّدان مطاعان فأراد أن يزوجهما بنتيه ، زعوراء وريثا.
__________________
(١) تفسير الطبري : ١٢ / ١٠٧ ، وذكر الأبيات السابقة.
(٢) الجمزى : السريع يقال : الناقة تعدو الجمزى وكذلك الفرس ، لسان العرب : ٥ / ٣٢٣.
(٣) تاج العروس : ٥ / ٥٥٧.
(٤) تفسير الطبري : ١٢ / ١٠٨.