(وَأَمْطَرْنا عَلَيْها) أي على شذاذها وسافليها ، وقال أبو عبيدة : مطر في الرحمة ، وأمطر في العذاب (حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) قال مجاهد : أولها حجر وآخرها طين ، وقال ابن عباس ووهب وسعيد بن جبير (سنك) (١) : و (كل) حجارة وطين ، قتادة وعكرمة : السجّيل : الطين دليله قوله تعالى (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) قال الحسن : كان أصل الحجارة طينا فشدّدت.
وروى عكرمة أيضا أنه قال : هو حجر معلق في الهواء بين الأرض والسماء منه أنزل الحجارة ، وقيل : هو جبال في السماء وهي التي أشار الله إليها فقال : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ) وقال أهل المعاني : السجّيل والسجّين واحد ، وهو الشديد من الحجر والضرب. قال ابن مقبل :
ورجلة يضربون البيض عن عرض (٢) |
|
ضربا تواصت به الأبطال سجينا (٣) |
والعرب تعاقب بين اللام والنون ، قالوا : لأنّها كلها ذلقة من مخرج واحد ونظيره في الكلام هلّت العين وهنّت إذا أصيبت وبكت ، وقيل : هو فعيل من قول العرب أسجلته إذا أرسلته فكأنها مرسلة عليهم ، وقيل : من سجلت لهم سجلا إذا أعطيتهم كأنهم أعطوا ذلك البلاء والعذاب ، قال الفضل بن عباس :
من يساجلني يساجل ماجدا |
|
يملأ الدلو إلى عقد الكرب (٤) |
(مَنْضُودٍ) قال ابن عباس : متتابع ، قتادة : بعضها فوق بعض ، الربيع : قد نضد بعضه على بعض ، عكرمة : مصفوف ، أبو بكر الهذلي : معدّ وهي من عدة [الله] التي أعدت للظلمة.
(مُسَوَّمَةً) من نعت الحجارة ، وهي نصب على الحال ومعناها معلّمة قتادة وعكرمة : مطوقة بها نضح من حمرة ، ابن جريج : كانت لا تشاكل حجارة الأرض ، الحسن والسدّي : مختومة ، وقيل : مشهورة ، ربيع : مكتوب على كل حجر اسم من رمي به.
(وَما هِيَ) يعني تلك الحجارة (مِنَ الظَّالِمِينَ) من مشركي مكّة (بِبَعِيدٍ) قال مجاهد : يرهب بها قريشا ، قتادة وعكرمة : يعني ظالمي هذه الأمة والله ما أجار الله منها ظالما بعد ، وقال أنس بن مالك : سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم جبريل عليهالسلام عن قوله تعالى (وَما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) قال : يعني بها ظالمي أمتك ، ما من ظالم منهم إلّا هو يعرف أي حجر سقط عليه (٥).
__________________
(١) كلمة فارسية معناها : الحجر.
(٢) في المخطوط وتفسير القرطبي : ضاحية ، وفي مصادر اللغة ما ذكرنا.
(٣) تاج العروس : ٧ / ٣٣٦.
(٤) لسان العرب : ١١ / ٣٢٦.
(٥) راجع تفسير ابن كثير : ٢ / ٤٧١.