فعلى ما عملنا ، على شيء فرغ منه أو على شيء لم يفرغ منه؟ فقال صلىاللهعليهوسلم : «على شيء قد فرغ منه يا عمر ، وجرت به الأقلام ولكن كلّ ميسّر لما خلق له» [١٠٢] (١).
وروي عنه عليهالسلام : «الشقي من شقي في بطن أمّه ، والسعيد من سعد في بطن أمّه» [١٠٣] (٢).
(فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ) خالدين فيها (لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ) قال ابن عباس : الزفير : الصوت الشديد ، والشهيق : الصوت الضعيف ، الضحّاك ومقاتل : الزفير : أول نهيق الحمار ، والشهيق آخره حين يفرغ من صوته إذا ردّده في الجوف. أبو العالية : الزفير في الحلق ، والشهيق في الصدر (خالِدِينَ) لابثين ومقيمين (فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) يسمى هنا (ما) الوقت.
قال ابن عباس : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) من ابتدائها إلى وقت فنائها ، قال الضحّاك : ما دامت سماوات الجنة والنار وأرضهما ، وكل ما علاك فأظلّك فهو سماء ، وكل ما استقرت عليه قدمك فهو أرض.
قال الحسين : أراد ما دامت الآخرة كدوام السماء والأرض في الدنيا قدر مدة بقائها ، قال أهل المعاني : العرب [...] (٣) في معنى التأبيد والخلود ، يقولون : هو باق ما [...] (٤) وأطت الإبل ، وأينع الثمر ، وأورق الشجر ، ومجن الليل وسال سيل ، وطرق طارق ، وذرّ شارقن ونطق ناطق ، وما اختلف الليل والنهار ، وما اختلف الذرة والجمرة ، وما دام عسيب ، وما لألأت العفراء ونابها ، و (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ، فخاطبهم الله تعالى بما تعارفوا بينهم.
ثم استثنى فقال : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) اختلف العلماء في هذين الاستثناءين ، من أهل الشقاوة أو من أهل السعادة ، فقال بعضهم هو في أهل التوحيد الذين يخرجهم الله من النار.
قال ابن عباس : و (ما شاءَ رَبُّكَ) أن يخرج أهل التوحيد منها ، وقال في قوله في وصف السعداء : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) أن يخلدهم في الجنة ، وقال قتادة : في هذه الآية الله أعلم بها ، وذكر لنا أن ما أقوله سيصيبهم سفع من النار بذنوب اقترفوها ثم يخرجهم الله منها ، وعلى هذا القول يكون استثناء من غير جنسه لأن الأشقياء في الحقيقة هم الكافرون ، والسعداء في الحقيقة هم المؤمنون.
__________________
(١) مسند أحمد : ١ / ٦.
(٢) مجمع الزوائد : ٧ / ١٩٣ ، وتأويل مختلف الحديث : ١٣.
(٣) كلام غير مقروء.
(٤) كلمة غير مقروءة.