أتقتلني وقد شعفت فؤادها |
|
كما شعف المهنوءة الرجل الطالي (١) |
ومراده : ذهب قلب امرأته كما ذهب الطالي بالإبل بالقطران يتلو بها ، والإبل تخاف من ذلك ثمّ تستروح إليه ، وقال الأخفش : من حبّها ، وقال محمد بن جرير : عمّها الحب.
(إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : خطا بيّن ، (فَلَمَّا سَمِعَتْ) راحيل ، (بِمَكْرِهِنَ) بقولهنّ وحديثهنّ ، قال قتادة والسدّي وقال ابن إسحاق : وإنّما قلن ذلك مكرا بها ليرين يهمّن يوسف وكان قد وصف لهنّ حسنه وجماله (أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَ) قال وهب : اتّخذت مأدبة ودعت أربعين امرأة فيهنّ هؤلاء اللائي عيّرنها ، (وَأَعْتَدَتْ) وأعدّت وهو أفعلت العتاد وهو العدّة ، قال الله تعالى : (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً) (٢).
(لَهُنَّ مُتَّكَأً) مجلسا للطعام وما يتكئن عليه من النمارق والوسائد ، يقال : ألقى له متّكأ أيّ ما يتّكأ عليه ، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة. وقال سعيد بن جبير والحسن وقتادة وأبي إسحاق وابن زيد : طعاما ، قال القتبيّ : والأصل فيه أنّ من دعوته إلى مطعم عندك أعددت له وسادة أو متّكأ ، فسمّي الطعام متّكأ على الاستعارة ، يقال : اتّكأنا عند فلان أي أكلنا ، قال عدي بن زيد :
فظللنا بنعمة واتّكأنا |
|
وشربنا الحلال من قلله (٣) |
وروي عن الحسن أنّه قال : متّكاء بالتشديد والمدّ وهي غير فصيحة ، وعن الحسن : فما أظنّ بصحيحة ، وقرأ مجاهد متّكأ خفيفة غير مهموزة ، وروي ذلك عن ابن عباس.
واختلفوا في معناه ، فقال ابن عباس : هو الأترج ، عكرمة : هو الطعام ، وأبو روق عن الضحّاك : الزماورد ، علي بن الحكم وعبيد بن حكيم ، عنه : كلّ شيء يحزّ بالسكّين فهو عند العرب المتّكأ ، والمتك والبتك : القطع والعرب تعاقب بين الباء والميم تقول سمد رأسه وسبده ، وأغبطت عليه وأغمطته [لازب] ولازم قال الله تعالى : (فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ) (٤).
(وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ) ليوسف (اخْرُجْ عَلَيْهِنَ) وذلك أنّها قد كانت أجلسته في مجلس غير المجلس الذي هنّ فيه جلوس ، فخرج عليهنّ يوسف عليهالسلام ، قال عكرمة : وكان فضل يوسف على الناس في الحسن والجمال كفضل القمر ليلة البدر على نجوم السماء.
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١٢ / ٢٦٢ ، لسان العرب : ٩ / ١٧٧ ، وفيه لتقتلني بدل أتقتلني.
(٢) سورة الكهف : ٢٩.
(٣) تفسير القرطبي : ٩ / ١٧٨.
(٤) سورة النساء : ١١٩.