(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (١) معناه يوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة سيئة ، في الآية إضمار معناها ولا يمنّ عليك مثل الذين كفروا بربهم ، ثم ابتدأ وأخذ يفسره فقال : أعمالهم (كَرَمادٍ) وإن شئت جعلت المثل صفة فقلت الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد (اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) وصف اليوم بالعصوف وهو من صفة الريح ؛ لأن الريح تكون فيه كما يقال يوم بارد وحار ؛ لأن البرد والحر يكونان فيه ، وليل نائم ونهار صائم. قال الله (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) (٢) ويدلّ عليه الليل والنهار.
قال الشاعر :
يومين غيمين ويوما شمسا (٣)
وقال الفراء : إن شئت قلت : في يوم في عصوف وإن شئت قلت : في يوم عاصف الريح ، تحذف الريح ؛ لأنها قد ذكرت قبل ذلك.
كقول الشاعر :
إذا جاء يوم مظلم الشمس كاسف (٤)
أراد كاسف الشمس.
وقيل هو من نعت الريح غير أنه لما جاء بعد اليوم أتبع إعرابه كما قيل (حجر ضب خرب) ونحوه ، وهذا مثل ضربه الله لأعمال الكافر يعني هم لا ينتفعون بأعمالهم التي عملوها في الدنيا ؛ لأنهم أشركوا فيها كما أنّ الرماد الذي فرّقه الريح لا ينتفع به. فذلك قوله (لا يَقْدِرُونَ) يعني الكفار (مِمَّا كَسَبُوا) في الدنيا (عَلى شَيْءٍ) في الآخرة (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ).
قرأ أهل الكوفة إلّا عامر : خالق السماوات والأرض على التعظيم (٥).
وقرأ الآخرون : (خَلَقَ السَّماواتِ) على الفصل (بِالْحَقِ) قال المفسرون : لم يخلقهما باطلا وإنما خلقهما لأمر عظيم.
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ) يبدلكم أحسن وأفضل وأطوع منكم ، (وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) منيع متعذر (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً) خرجوا من قبورهم وظهروا لله جميعا ،
__________________
(١) سورة الزمر : ٦٠.
(٢) سورة يونس : ٦٧.
(٣) جامع البيان للطبري : ١٣ / ٢٥٨.
(٤) لسان العرب : ٩ / ٢٤٨ ، جامع البيان للطبري : ١٣ / ٢٥٨.
(٥) على وزرن : فاعل ، راجع تفسير الطبري : ١٣ / ٢٦٠.