(رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي) تفزع وقيل تشتاق (إِلَيْهِمْ) وهذا دعاء منه عليهالسلام لهم بأن يرزقهم حجّ بيته الحرام.
قال سعيد بن جبير : لو يقال أفئدة الناس تهوى إليهم لحجت اليهود والنصارى والمجوس ، ولكنه قال (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ) منهم المسلمون.
وقال مجاهد : لو قال أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم والترك والهند ولكنه (أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ ... وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ) ما رزقت سكّان القرى ذوات المياه (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ. رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ) من جميع أمورنا.
وقال ابن عباس ومقاتل من الوجد إسماعيل وأمه حيث أسكنها (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ ... وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ).
قال بعضهم : هذه صلة فولد إبراهيم عليهالسلام.
وقال الآخرون : قال الله عزوجل (وَما يَخْفى عَلَى اللهِ) وهو قول الله عزوجل (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي) أعطاني (عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ).
قال ابن عباس : ولد إسماعيل لإبراهيم وهو ابن تسع وتسعين سنة وولد له إسحاق وهو ابن مائة واثنتي عشرة سنة.
وقال سعيد بن جبير : بشر إبراهيم بإسحاق بعد اثنتي عشرة ومائة سنة.
(رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أيضا واجعلهم مقيمي الصلاة (رَبَّنا وَتَقَبَّلْ دُعاءِ).
قال المفسرون : أي عبادتي. نظيره قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «الدعاء مخ العبادة» [١٦٨] (١) ثم قرأ (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) (٢) فسمى الدعاء عبادة.
(رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) إن آمنا وتابا ، وقد أخبر الله عن عذر خليله في استغفاره لأبيه في سورة التوبة.
(وَلِلْمُؤْمِنِينَ) كلهم.
قال ابن عباس : من أمة محمّد (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) أي يبدو ويظهر. قال أهل المعاني : أراد يوم يقوم الناس للحساب فاكتفى بذكر الحساب عن ذكر الناس إذ كان مفهوما.
__________________
(١) كنز العمال : ٢ / ٦٢ ح ٣١١٤.
(٢) سورة غافر : ٦٠.