[وسنان] (١) (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) الآية (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ) أن نصدّقكم (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) فيما بعد أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) من المحسن والمسيء (سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ) انصرفتم (إِلَيْهِمْ) عندهم (لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ) [لتصفحوا عن جرمهم ولا] تردونهم ولا تؤنبونهم (فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ) ودعوهم وما اختاروا لأنفسهم من الشأن والمعصية (إِنَّهُمْ رِجْسٌ) نجس ، قال عطاء : أن عملهم نجس (وَمَأْواهُمْ) في الآخرة (جَهَنَّمُ جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) قال ابن عباس : نزلت في جدّ بن قيس ومعتب بن قشير وأصحابهما وكانوا ثمانين رجلا من المنافقين فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إذا قدموا المدينة لا تجالسوهم ولا تكلموهم» [٤٧] (٢).
وقال مقاتل : نزلت في عبد الله بن أبي حلف النبي صلىاللهعليهوسلم بالذي لا إله إلّا هو أن لا يرضى عنهم بعدها ، وليكون معه على عدوه وطلب إلى النبي صلىاللهعليهوسلم أن يرضى عنه فأنزل الله عزوجل هذه الآية (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَرْضى عَنِ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ الْأَعْرابُ) يعني أهل البدو (أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) من أهل الحضر (وَأَجْدَرُ) أحرى وأولى (أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) قال قتادة : هم أقل علما بالسنن.
وروى الأعمش عن إبراهيم قال : جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو مع أصحابه وكانت يده قد أصيبت يوم نهاوند فقال الأعرابي : والله ما أدري إن حديثك ليعجبني وإنّ يدك لترعبني فقال : أي يد من يدي (٣) إنها الشمال ، فقال الأعرابي : والله ما أدري اليمين يقطعون أم الشمال؟ فقال زيد بن صوحان : صدق الله (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) الآية (٤) (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً) قال عطاء : لا يرجو على إعطائه ثوابا ولا يخاف على إمساكه لها إنما ينفق خوفا رياء (وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) يعني صروف الزمان التي تأتي مرّة بالخير ومرّة بالشرّ. قال : أن متى ينقلب الزمان عليكم فيموت الرسول ويظهر المشركون (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) قرأ ابن كثير وابن محصن ومجاهد وأبو عمرو بضم السين هاهنا وفي سورة الفتح ، ومعناه الشر والضر والبلاء والمكروه ، وقرأ الباقون على الفتح بالمصدر واختاره أبو عبيد وأبو حاتم في هذه الآية (مِنَ الْأَعْرابِ) أسد وغطفان وتميم واعراب حاضري المدينة ثم استثنى فقال
__________________
(١) عن هامش تفسير القرطبي ، وفي أسباب النزول : في بني مقرن معقل وسويد والنعمان ، والمخطوط مطموس.
(٢) انظر زاد المسير : ٣ / ٣٣١.
(٣) في المصدر : ما يريبك من يدي.
(٤) جامع البيان : ١١ / ٦.