وقال الكلبي : أسلم علي وهو ابن تسع سنين ، وقال مجاهد وابن إسحاق : أسلم وهو ابن عشر سنين.
وقال ابن إسحاق : حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد قال : كان نعمة الله على علي ابن أبي طالب رضياللهعنه وما صنع الله له وأراد به من الخير أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة وكان أبو طالب ذا عيال كثير فقال رسول الله للعباس وكانا من أيسر بني هاشم : «يا عباس إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة فانطلق بنا فلنخفف عنه من عياله آخذ من بنيه رجلا وتأخذ من بنيه رجلا فنكفيهما عنه».
فقال العباس : نعم ، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب [فقالا : إنا نريد أن نخفّف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما أبو طالب] : إن تركتما لي عقيلا فاصنعا ما شئتما فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليا كرم الله وجهه فضمّه إليه وأخذ العباس جعفرا يضمّه إليه فلم يزل علي رضياللهعنه مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى بعثه الله نبيّا فاتبعه علي رضياللهعنه.
فآمن به وصدقه ولم يزل جعفر مع العباس رضياللهعنه حتى أسلم واستغنى عنه [٤٨] (١).
وروى إسماعيل بن أياس بن عفيف عن أبيه عن جده عفيف قال : كنت امرأ تاجرا فقدمت مكة أيام الحج فنزلت على العباس بن عبد المطلب وكان العباس لي صديقا وكان يختلف إلى اليمن يشتري القطن فيبيعه أيام الموسم ، فبينما أنا والعباس بمنى إذ جاء رجل شاب حين حلقت الشمس في السماء فرمى ببصره إلى السماء ثم استقبل الكعبة فلبث مستقبلها ، حتى جاء غلام فقام عن يمينه فلم يلبث أن جاءت امرأة فقامت خلفهما فركع الشاب وركع الغلام والمرأة فخرّ الشاب ساجدا فسجدا معه فرفع الغلام والمرأة فقلت : يا عباس أمر عظيم! فقال : أمر عظيم. فقلت : ويحك ما هذا؟ فقال : هذا ابن أخي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يزعم أن الله تعالى بعثه رسولا وأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه ، وهذا الغلام ابن أخي علي بن أبي طالب ، وهذه المرأة خديجة بنت خويلد زوجة محمد قد تابعاه على دينه ، ما على ظهر الأرض كلها على هذا الدين غير هؤلاء (٢).
قال عبد الله الكندي بعد ما رسخ الإسلام في قلبه : ليتني كنت رابعا. فيروي أن أبا طالب قال لعلي رضياللهعنه : أي بني ما هذا الذي أنت عليه قال : آمنت بالله ورسوله وصدقته فيما جاء وصليت معه لله. فقال له : أما أن محمدا لا يدعو إلّا إلى خير فالزمه (٣).
__________________
(١) تاريخ الطبري : ٢ / ٥٨ والمستدرك : ٣ / ٥٧٦ وما بين المعقوفتين أثبتناه من المصادر.
(٢) تاريخ دمشق : ٨ / ٣١٤ ط. دار الفكر.
(٣) تاريخ الطبري : ٢ / ٥٨ ، وعيون الأثر لابن سيد الناس : ١ / ١٢٦ ، وذخائر العقبى : ٦٠.