وفي بعض التفاسير : الاولى ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم والأخرى عذاب القبر.
وقيل : تفسيره في سورة النحل (زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ).
وقال مقاتل بن حيان : الأول بالسيف يوم بدر والثاني عند الموت.
معمر عن الزهري عن الحسن قال : عذاب النبي وعذاب الله. يعني بعذاب النبي صلىاللهعليهوسلم قوله تعالى : (مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) (١). قال عطاء : الأمراض في الدنيا والآخرة فإن من مرض من المؤمنين كفّر الله سيّئاته ومحض ذنوبه فأبدله لحما من لحمه ودما كثيرا من دمه وأعقبه ثوابا عظيما ، ومن مرض من المنافقين زاده الله نفاقا وإثما وضعفا كما قال في هذه السورة : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ) يريد أنهم يمرضون في كل عام (مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) فيردّون إلى عذاب عظيم شديد فظيع.
وقال الربيع : بلايا الدنيا وعذاب الآخرة ثم يردون الى عذاب عظيم عذاب جهنم.
وقال إسماعيل بن زياد : أحد العذابين ضرب الملائكة والوجوه والأدبار ، والثاني عند البعث يوكل بهم عتق من النار.
وقال الضحاك : مرّة في القبر ومرّة في النار ، وقيل : المرّة الأولى بإحراق مسجدهم مسجد ضرار والثانية بإحراقهم بنار جهنم ، وقيل : مرّة بإنفاق أموالهم ومرّة بقتلهم بالسيف إن أظهروا ما في قلوبهم (٢).
(وَآخَرُونَ) يعني ومن أهل المدينة آخرون أو من الأعراب وليس براجع إلى المنافقين (اعْتَرَفُوا) أقرّوا بك وبربّهم (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً) وهو إقرارهم وتوبتهم (وَآخَرَ سَيِّئاً) أي بعمل سيّئ وضع الواو وموضع الياء فكما يقال : استوى الماء والخبث أي بالخبث وخلطت الماء واللبن أي باللبن فالعمل السيء تخلفهم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وتركهم الجهاد (عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) وعسى ولعل من الله واجب وهما حرف ترجّ.
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) نزلت هذه الآية في قوم كانوا تخلفوا عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم في غزوة تبوك ثم ندموا عليه وتذمموا ، وقالوا : نكون في الكن والظلال مع النساء ورسول الله صلىاللهعليهوسلم في الجهاد! والله لنوثقنّ أنفسنا بالقيود في أيدينا حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي يطلقنا أو يعذبنا ، وبقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم مرّ بهم فرآهم فقال : من هؤلاء؟ قالوا : تخلّفوا عنك فعاهدوا الله ألّا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٦١.
(٢) راجع زاد المسير : ٣ / ٣٣٥ ، وتفسير القرطبي : ٨ / ٢٤١.