نارا ، على حافتيه حيّات مثل البغال الدهم ، فإذا بادرت إليهم لتأخذوهم استغاثوا بالاقتحام في النّار منها. وقال الحسن : عداوة. وقال الضحّاك وعطاء : مهلكا. وقال أبو عبيد : موعدا ، وأصله الهلاك ، يقال : أوبقه يوبقه إيباقا ، أي أهلكه ، ووبق يبق وبقا ، أي هلكة ، ويقال : وبق يوبق ويبق ويأبق ، وهو وابق ووبق ، والمصدر : وبق ، ووبوق.
(وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ) : المشركون (النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها) : داخلوها. وقال مجاهد : مقتحموها وقيل : نازلوها وواقعون فيها. وقرأ الأعمش : (ملاقوها) ، يعني مجتمعين فيها ، والهاء الجمع (١) (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً).
وروى أبو سعيد الخدري عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الكافر ليرى جهنم فيظن أنه مواقعها (٢) من مسيرة أربعين سنة» (٣) [٧٩].
(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) : بيّنا (فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) ليتذكروا ويتّعظوا (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) : خصومة في الباطل ، يعني أبيّ بن خلف الجمحي ، وقيل : إنه عام ليس بخاص ، واحتجّوا بما روى الحسن بن علي بن أبي طالب عن أبيه قال : «إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم طرقه هو وفاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : ألا تصلّون؟ فقلت : يا رسول الله ، إنما أنفسنا بيد الله تعالى ، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا. فانصرف رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قلت ذلك له ولم يرجع شيئا ، فسمعته وهو يضرب فخذه ويقول : (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)»! (٤).
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) يعني من أن يؤمنوا ، (إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) : القرآن والإسلام ومحمد صلىاللهعليهوسلم (وَيَسْتَغْفِرُوا) : ومن أن يستغفروا ربهم (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) يعني سنتنا في إهلاكهم (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً) ، قال ابن عباس : عيانا. قال الكلبي : هو السّيف يوم بدر.
قال مجاهد : فجأة. ومن قرأ (قُبُلاً) ، بضمتين ، أراد به : أصناف العذاب.
(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا) : يبطلوا ويزيلوا (بِهِ الْحَقَ) ، قال السّدي : ليفسدوا ، وأصل الدّحض : الزلق ، يقال : دحضت رجله أي زلقته. وقال طرفة :
أبا منذر رمت الوفاء فهبته |
|
وحدت كما حاد البعير عن الدحض (٥) |
__________________
(١) كذا في المخطوط.
(٢) في المصدر : أنها مواقعته.
(٣) جامع البيان للطبري : ١٥ / ٣٣٠.
(٤) مسند أحمد بن حنبل : ١ / ١١٢.
(٥) تاج العروس : ٥ / ٢٨.