قال للنّبي صلىاللهعليهوسلم إنّي أعمل لله ، فإذا اطّلع عليه سرّني. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن الله تعالى طيّب لا يقبل إلّا الطيب ولا يقبل ما شورك فيه» (١) [١٠٦] ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال أنس : قال رجل : يا نبي الله ، إنّي أحب الجهاد في سبيل الله ، وأحبّ أن يرى مكاني ، فأنزل الله : (قُلْ) يا محمد : (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) : خلق آدمي مثلكم.
قال ابن عباس : علّم الله رسوله التواضع لئلا يزهو على خلقه ، (يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) : المصير إليه. وقيل : معناه يأمل رؤية ربّه ، فالرجاء يتضمّن معنيين : الخوف والأمل ، قال الشاعر :
فلا كل ما ترجو من الخير كائن |
|
ولا كل ما ترجو من الشر واقع (٢) |
فجمع المعنيين في بيت واحد.
(فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً) : خالصا (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) ، أي ولا يراء. قال شهر ابن حوشب : جاء رجل إلى عبادة بن الصامت ، فقال : أرأيت رجلا يصلي يبتغي وجه الله عزوجل ويحب أن يحمد عليه ، ويصوم يبتغي وجه الله عزوجل ويحب أن يحمد ، ويتصدّق يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد عليه ، ويحجّ يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد عليه؟ فقال عبادة : ليس له شيء ، إن الله عزوجل يقول : «أنا خير شريك ، فمن كان له معي شريك فهو له كله ولا حاجة لي منه» [١٠٧].
[أخبرنا عبد الله بن حامد عن محمد بن عبد الله الجوهري عن حامد بن شعيب البجلي عن شريح بن يونس عن إسماعيل بن جعفر قال : أخبرني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اتقوا الشرك الأصغر». قالوا : وما الشرك الأصغر؟ قال : «الرياء يوم يجازي الله النّاس بأعمالهم» [١٠٨] (٣).
أخبرنا عبد الله بن حامد عن مكّي بن عبدان عن عبد الله بن هاشم عن عبد الرحمن عن] (٤) سفيان عن سلمة قال : سمعت جندبا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من سمّع سمّع الله به ، ومن يراء يراء الله به» (٥) [١٠٩].
وروى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «اتقوا الشرك الأصغر». قالوا : وما الشرك الأصغر؟ قال : «الرياء يوم يجازي الله الناس بأعمالهم» [١١٠] (٦).
__________________
(١) زاد المسير : ٥ / ١٤١ ، وأسباب نزول الآيات : ٢٠٢ وفيهما : ما روئي فيه ، بدل : ما شورك فيه.
(٢) مجمع البيان : ٦ / ٣٩٦.
(٣) الدر المنثور : ٤ / ٢٥٧.
(٤) زيادة عن نسخة أصفهان.
(٥) مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٤٥ ، وفيه : رأيا ، بدل : يراء ، في الموضعين.
(٦) الدر المنثور : ٤ / ٢٥٧.