قال ابن عباس : عنى بذلك وكيل الرجل وقيّمه في ضيعته وماشيته ، لا بأس عليه أن يأكل من ثمر ضيعته ويشرب من لبن ماشيته.
وقال الضحّاك : يعني من بيوت عبيدكم ومماليككم.
مجاهد وقتادة : من بيوت أنفسكم ممّا اخترتم وملكتم ، وقرأ سعيد بن جبير : ملّكتم بالتشديد.
قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في الحرث بن عمرو ، خرج مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم غازيا وخلّف ملك بن زيد على أهله فلمّا رجع وجده مجهودا فسأله عن حاله فقال : تحرّجت أن آكل من طعامك بغير إذنك ، فأنزل الله سبحانه هذه الآية.
وكان الحسن وقتادة يريان دخول الرجل بيت صديقه والتحرّج من طعامه من غير استيذان بهذه الآية.
(أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً).
قال قوم : نزلت في حيّ من كنانة يقال لهم بنو ليث بن عمرو ، كانوا يتحرّجون أن يأكل الرجل الطعام وحده ، فربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح الى المساء الرواح والشول جفل والأحوال منتظمة تحرجا من أن يأكل وحده ، فإذا أمسى ولم يجد أحدا أكل فأنزل الله سبحانه هذه الآية وهذا قول قتادة والضحاك وابن جريج ، ورواية الوالبي عن ابن عباس.
وروى عطاء الخراساني عنه قال : كان الغنىّ يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته فيدعوه إلى طعامه فيقول : والله إنّى لأحتج أن آكل معك أي أتحرّج وأنا غنىّ وأنت فقير ، فنزلت هذه الآية.
وقال عكرمة وأبو صالح : نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلّا مع ضيفهم فرخّص لهم في أن يأكلوا حيث شاؤوا جميعا مجتمعين ، أو أشتاتا متفرقين.
(فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) أي ليسلّم بعضكم على بعض كقوله سبحانه (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) (١).
عن الحسن وابن زيد حدّثنا (٢) ابن حبيب لفظا في شهور سنة ثمان وثمانين وثلاث مائة قال : حدّثنا أبو حاتم محمد بن حيان البستي قال : حدّثنا محمد بن صالح الطبري قال : حدّثنا الفضل بن سهل الأعرج قال : حدّثنا محمد بن جعفر المدائني قال : حدّثنا ورقاء عن الأعمش
__________________
(١) سورة النساء : ٢٩.
(٢) في النسخة الثانية زيادة : أبو القاسم الحسن بن محمد.