«من كذب عليّ متعمّدا فليتبّوأ بين عيني جهنم مقعدا فقال : يا رسول الله وهل لها من عينين؟ قال : نعم ألم تسمع إلى قول الله سبحانه (إِذا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً)» (١) [٧٨].
(وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً) قال ابن عباس : يضيق عليهم كما يضيق الزجّ في الرمح.
وأخبرني الحسين بن محمد بن الحسين الثقفي قال : حدّثنا الفضل بن الفضل الكندي قال : حدّثنا عبد الرّحمن بن أبي حاتم قال : قرئ على يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني نافع عن يحيى بن أبي أسيد يرفع الحديث الى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنّه سئل عن قول الله سبحانه (وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ) قال : «والذي نفسي بيده إنّهم يستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط ، مقرّنين مصفّدين ، قد قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال» (٢) [٧٩].
ومنه قيل للحبل قرن ، وقيل : مع الشياطين في السلاسل والأغلال.
(دَعَوْا هُنالِكَ ثُبُوراً) ويلا عن ابن عباس ، هلاكا عن الضحّاك.
روى حمّاد عن علي بن زيد عن أنس بن مالك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : أوّل من يكسى حلّة من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه ، وذريته من خلفه وهو يقول : يا ثبوره وهم ينادون يا ثبورهم حتى يصفّوا (٣) على النار فيقال لهم (لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً قُلْ أَذلِكَ) الذي ذكرت من صفة النار وأهلها (خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كانَتْ لَهُمْ جَزاءً وَمَصِيراً لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً) وذلك أنّ المؤمنين سألوا ربّهم ذلك في الدنيا حين قالوا (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ) (٤) فقال الله سبحانه كان إعطاء الله المؤمنين جنة الخلد وعدا وعدهم على طاعته إيّاه في الدنيا ومسألتهم إيّاه ذلك (٥).
وقال بعض أهل العربية : يعني وعدا واجبا وذلك أنّ المسؤول واجب وإن لم يسئل كالّذين قال : ونظير ذلك قول : العرب لأعطينّك ألفا وعدا مسؤولا بمعنى أنه واجب لك فتسأله.
وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا أبو علي بن حنش (٦) المقري قال : حدّثنا أبو القاسم بن الفضل المقري قال : حدّثنا علي بن الحسين قال : حدّثنا جعفر بن مسافر قال : حدّثنا يحيى بن حسان قال : حدّثنا رشد بن عمرو بن الحرث ، عن محمد بن كعب القرظي في قوله سبحانه وتعالى (كانَ عَلى رَبِّكَ وَعْداً مَسْؤُلاً).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٣ / ٧.
(٢) تفسير ابن كثير : ٣ / ٣٢٣.
(٣) في النسخة الثانية : يقفوا.
(٤) سورة آل عمران : ١٩٤.
(٥) مسند أحمد : ٣ / ١٥٢.
(٦) في النسخة الثانية : حبيش.