عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤))
(وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) فتخبرنا أنّ محمدا صادق محقّ (أَوْ نَرى رَبَّنا) فيخبرنا بذلك نظيرها قوله سبحانه (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ) الى قوله (وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً).
قال الله تعالى (لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ) بهذه المقالة (وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً) قال مقاتل : غلوّا في القول ، والعتو : أشدّ الكفر وأفحش الظلم.
(يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ) عند الموت وفي القيامة (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) للكافرين (وَيَقُولُونَ) يعني الملائكة للمجرمين (حِجْراً مَحْجُوراً) أي حراما محرما عليكم البشرى بخير ، وقيل : حرام عليكم الجنة ، وقال بعضهم : هذا قول الكفار للملائكة ، قال ابن جريج : كانت العرب إذا نزلت بهم شديدة أو رأوا ما يكرهون قالوا : حجرا محجورا ، فقالوا حين عاينوا الملائكة هذا ، وقال مجاهد : يعني عوذا معاذا ، يستعيذون من الملائكة.
(وَقَدِمْنا) وعمدنا (إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) باطلا لا ثواب له لأنّهم لم يعملوه لله سبحانه وإنّما عملوه للشيطان ، واختلف المفسّرون في الهباء فقال بعضهم : هو الذي يرى في الكوى من شعاع الشمس كالغبار ولا يمسّ بالأيدي ولا يرى في الظلّ ، وهو قول الحسن وعكرمة ومجاهد.
وقال قتادة وسعيد بن جبير : هو ما تسفيه الرياح وتذريه من التراب وحطام الشجر ، وهي رواية عطاء الخراساني عن ابن عباس ، وقال ابن زيد : هو الغبار ، والوالبي عن ابن عباس : هو الماء المهراق ، مقاتل : ما يسطع من حوافر الدواب ، والمنثور : المتفرق.
(أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا) من هؤلاء المشركين المتكبرين المفتخرين بأموالهم (وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) موضع قائلة وهذا على التقدير ، قال المفسرون : يعني أنّ أهل الجنة لا يمر بهم في الآخرة إلّا قدر ميقات النهار من أوله إلى وقت القائلة حتى يسكنوا مساكنهم في الجنة.
قال ابن مسعود : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار وقرأ : ثم ان مقيلهم لإلى الجحيم ، هكذا كان يقرأها ، وقال ابن عباس في هذه الآية : الحساب من ذلك اليوم في أوّله ، وقال القوم حين قالوا في منازلهم في الجنة.
وروى ابن وهب عن عمرو بن الحرث أنّ سعيدا الصوّاف أو الصراف حدّثه أنّه بلغه أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وأنّهم ليقيلون في رياض الجنة حتى يفرغ من الناس ، وقرأ هذه الآية.
(وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) قرأ أبو عمر وأهل الكوفة بتخفيف الشين على الحذف