وروى عطاء الخراساني عن ابن عباس قال : كان أبي بن خلف يحضر النبي صلىاللهعليهوسلم ويجالسه ويسمع إلى كلامه من غير أن يؤمن له فزجره عقبة بن أبي معيط عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، وقال الشعبي : كان عقبة بن أبي معيط خليلا لأميّة بن خلف فأسلم عقبة فقال أميّة : وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمدا ، فكفر وارتدّ لرضا أميّة فأنزل الله سبحانه (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) يعني الكافر عقبة بن أبي معيط (١) لأجل طاعة خليله الذي صدّه عن سبيل ربّه (يَقُولُ يا لَيْتَنِي) وفتح تاءه أبو عمرو (اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ) محمد صلىاللهعليهوسلم (سَبِيلاً يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) يعني أبي بن خلف الجمحي (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) يعني القرآن والرسول (بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ) وهو كلّ متمرّد عات من الجانّ ، وكلّ من صدّ عن سبيل الله وأطيع في معصيته فهو شيطان (لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) عند نزول البلاء والعذاب به.
وحكم هذه الآيات عامّ في كلّ متحابّين اجتمعا على معصية الله ، لذلك قال بعض العلماء : أنشدنيه أبو القاسم الحسن بن محمد بن جعفر قال : أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الصديق قال : أنشدنا أبو وائلة عبد الرحمن بن الحسين :
تجنّب قرين السوء واصرم حباله |
|
فإن لم تجد عنه محيصا فداره |
وأحبب حبيب الصدق واحذر مراءه |
|
تنل منه صفو الودّ ما لم تماره |
وفي الشيب ما ينهى الحليم عن الصبا |
|
إذا اشتعلت نيرانه في عذاره (٢) |
وأنشدني أبو القاسم الحبيبي قال : أنشدني أبو بكر محمد بن عبد الله الحامدي :
اصحب خيار الناس حيث لقيتهم |
|
خير الصحابة من يكون عفيفا |
والناس مثل دراهم ميّزتها |
|
فوجدت فيها فضّة وزيوفا (٣) |
وأخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن جعفر المفسّر قال : حدّثنا أبو سعيد عبد الرّحمن ابن محمد بن حسكا قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال : حدّثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال : حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال : حدّثنا عاصم عن أبي كبشة قال :سمعت أبا موسى يقول على المنبر : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم ينلك يعبق بك من ريحه ، ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرق ثيابك يعبق بك من ريحه.
وحدّثنا أبو القاسم بن حبيب لفظا سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة قال : أخبرنا أبو حاتم محمد
__________________
(١) في النسخة الثانية زيادة : بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف على يديه أسفا وندما على ما فرّط في جنب الله وأوبق نفسه بالمعصية والكفر بالله.
(٢) تفسير القرطبي : ١٣ / ٢٦.
(٣) تفسير القرطبي : ١٣ / ٢٦.