وقال آخرون : هما سواء في النزول به فليس أحدهما بأحقّ يكون فيه من الآخر. وحرّموا بهذه الآية كراء دور مكّة وكرهوا إجارتها في أيام الموسم.
قال عبد الله بن عمر : سواء أكلت محرما أو كراء دار مكة.
وقال عبد الرّحمن بن سابط : كان الحجاج إذا قدموا مكة لم يكن أحد من أهل مكة بأحقّ بمنزله منهم فكان الرجل إذا وجد سعة نزل ، ففشا فيهم السرق ، وكلّ إنسان يسرق من ناحيته فاصطنع رجل بابا فأرسل إليه عمر : اتخذت بابا من حجاج بيت الله؟ فقال : لا ، إنّما جعلته ليحترز متاعهم وهو قوله (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ).
قال : البادي فيه كالمقيم ليس أحد أحقّ بمنزله من أحد إلّا أن يكون سبق إلى منزل ، وإلى هذا القول ذهب ابن عباس وابن جبير وابن زيد وباذان قالوا : هما سواء في البيوت والمنازل ، والقول الأول أقرب إلى الصواب.
أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسن بقراءتي عليه قال : حدّثنا صفوان بن الحسين قال : حدّثنا أبو محمد بن أبي حاتم قال : سمعت أبا إسماعيل الترمذي بمكة سنة ستين ومائتين قال : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : جالست الشافعي بمكة فتذاكرنا في كراء بيوت مكة ، وكان يرخّص فيه ، وكنت لا أرخّص فيه ، فذكر الشافعي حديثا وسكت ، وأخذت أنا في الباب ، أسرد فلمّا فرغت منه قلت لصاحب لي من أهل مرو بالفارسية : مرد كما لأني هست قرية بمرو ، فعلم أني راطنت صاحبي بشيء هجّنته فيه ، فقال لي : أتناظر؟ قلت : وللمناظرة جئت ، فقال : قال الله سبحانه وتعالى (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) (١) نسب الديار إلى مالكيها أو غير مالكيها.؟
وقال النبي صلىاللهعليهوسلم (٢) يوم فتح مكة : «من أغلق بابه فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن وهل ترك عقيل لنا من رباع» [٤]؟ نسب الدار إلى أربابها أو غير أربابها وقال لي : اشترى عمر ابن الخطاب رضى الله عنه دار السجن من مالك أو غير مالك؟ فلمّا علمت أنّ الحجة لزمتني قمت.
(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ) أي في المسجد الحرام (بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ) يعني إلحادا بظلم وهو الميل إلى الظلم ، والباء فيه زائدة كقوله : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) أي تنبت الدهن.
قال الفرّاء : وسمعت أعرابيا من ربيعة وسألته عن شيء فقال : أرجو بذلك يريد أرجو ذلك.
وقال الشاعر :
بواد يمان ينبت الشت صدره |
|
وأسفله بالمرخ والشبهان (٣) |
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٩٥.
(٢) مسند أحمد : ٢ / ٢٩٢.
(٣) لسان العرب : ٢ / ١٥٨.