الْغالِبُونَ فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وَهارُونَ قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ قالُوا لا ضَيْرَ) لا ضرر (إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا أَنْ) لأن (كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ) من أهل زماننا (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) يتبعكم فرعون وقومه.
أخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن لؤلؤ قال : أخبرنا الهيثم بن خلف قال : حدّثنا الدورقي عن حجاج بن جريح في هذه الآية قال : أوحى الله سبحانه الى موسى أن اجمع بني إسرائيل كل أربعة أهل أبيات في بيت ، ثم اذبحوا أولاد الضّأن فاضربوا بدمائها على أموالكم فإنّي سآمر الملائكة فلا تدخل بيتا على بابه دم ، وسآمرها فتقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأموالهم ، ثم اخبزوا خبزا فطيرا فإنه أسرع لكم ، ثم أسر بعبادي حتى تنتهي إلى البحر فيأتيك أمري ففعل ذلك ، فلمّا أصبحوا قال فرعون : هذا عمل موسى وقومه قتلوا أبكارنا من أنفسنا وأموالنا ، فأرسل في أمره ألف ألف وخمسمائة ألف ملك مسوّر مع كل ملك ألف ، وخرج فرعون في الكرسي العظيم.
(فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ) يعني الشرط ليجمعوا السحرة وقال لهم : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ) عصبة ، وشرذمة كل شيء بقيّته القليلة ، ومنه قول الراجز :
جاء الشتاء وقميصي أخلاق |
|
شراذم يضحك منه التواق (١) |
قال ابن مسعود : كان هؤلاء الشرذمة ستّمائة وسبعون ألفا.
وأخبرنا أبو بكر الخرمي قال : أخبرنا أبو حامد الأعمش قال : حدّثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي قال : حدّثنا يحيى بن آدم قال : حدّثنا إسحاق عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي في هذه الآية قال : كان أصحاب موسى ستّمائة ألف.
(وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ) يعني أعداء ، لمخالفتهم ديننا وقتلهم أبكارنا وذهابهم بأموالنا التي استعاروها ، وخروجهم من أرضنا بغير اذن منّا.
(وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ) قرأ النخعي والأسود بن يزيد وعبيد بن عمر وسائر قرّاء الكوفة وابن عامر والضحاك (حاذِرُونَ) بالألف وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس واختيار أبي عبيد ، وقرأ الآخرون حذرون بغير ألف وهما لغتان.
وقال قوم : (حاذِرُونَ) : مؤدّون مقرّون ، شاكون في السلاح ، ذوو أرادة قوّة وكراع وحذرون :
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ١٤ / ٢٧.