(فَهُمْ يَعْمَهُونَ أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ) شدّة (الْعَذابِ) في الدّنيا القتل والأسر بيده.
(وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) بحرمان النجاة والمنع من دخول الجنّات.
(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى) لتلقّن وتعطى (الْقُرْآنَ) نظيره قوله سبحانه وتعالى (وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ) (١) (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ).
(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (٧) فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَها وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٨) يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يا مُوسى لا تَخَفْ إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١) وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤))
(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ) في مسيره من مدين إلى مصر وقد أصلد زنده (إِنِّي آنَسْتُ ناراً) فامكثوا مكانكم (سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ) قرأ أهل الكوفة ويعقوب : (بِشِهابٍ) منوّن على البدل ، غيرهم بالإضافة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم ، ومعناه : سآتيكم بشعلة نار اقتبسها منها.
(لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) تستدفئون (فَلَمَّا جاءَها نُودِيَ أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ).
قال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن : يعني قدّس من في النار وهو الله سبحانه عنى به نفسه عزوجل ، وتأويل هذا القول أنّه كان فيها لا على معنى تمكّن الأجسام لكن على معنى أنّه نادى موسى منها ، وأسمعه كلامه من جهتها وأظهر له ربوبيته من ناحيتها ، وهو كما روي أنّه مكتوب في التوراة : جاء الله عزوجل من سيناء وأشرق من ساعير واستعلن من جبال فاران ، فمجيئه عزوجل من سيناء بعثته موسى منها ، ومن ساعير بعثته المسيح بها ، واستعلامه من جبال فاران بعثه المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وفاران مكة ، وقالوا : كانت النار نوره عزوجل ، وإنّما ذكره بلفظ النّار لأنّ موسى حسبه نارا ، والعرب تضع أحدهما موضع الآخر.
وقال سعيد بن جبير : كانت النار بعينها وهي إحدى حجب الله سبحانه وتعالى ، يدلّ عليه ما أخبرنا عبد الله بن حامد قال : أخبرنا محمد بن يعقوب قال : حدّثنا محمد بن إسحاق قال : حدّثنا هاشم القاسم بن القاسم قال : حدّثنا المسعودي عن عمرو بن مرّة عن أبي عبيدة ، موسى عن الأشعري قال : قام بيننا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأربع فقال : «إنّ الله عزوجل لا ينام ، ولا ينبغي له
__________________
(١) سورة القصص : ٨٠.