ياسين القاضي يقول : رأيت في الطواف كهلا قد أجهدته العبادة واصفرّ لونه وبيده عصا وهو يطوف معتمدا عليها ، فتقدّمت إليه وجعلت أسائله فقال لي : من أين أنت؟ قلت : من خراسان قال : في أي ناحية تكون خراسان؟ ـ كأنّه جهلها.؟ قلت : ناحية من نواحي المشرق ، فقال : في كم تقطعون هذا الطريق؟ قلت : في شهرين وثلاثة أشهر ، قال : أفلا تحجّون كل عام فأنتم من جيران هذا البيت؟ فقلت له : وكم بينكم وبين هذا البيت؟ فقال : مسيرة خمس سنين ، خرجت من بلدي ولم يكن في رأسي ولحيتي شيب ، فقلت : هذا والله الجهد البيّن والطاعة الجميلة والمحبة الصادقة ، فضحك في وجهي وأنشأ يقول :
زر من هويت وإن شطّت بك الدار |
|
وحال من دونه حجب وأستار |
لا يمنعك بعد من زيارته |
|
إنّ المحبّ لمن يهواه زوار (١) |
(لِيَشْهَدُوا) ليحضروا (مَنافِعَ لَهُمْ) يعني التجارة عن سعيد بن جبير ، وهي رواية ابن رزين عن ابن عباس قال : هي الأسواق.
مجاهد : التجارة وما يرضي الله سبحانه من أمر الدنيا والآخرة.
سعيد بن المسيب وعطية العوفي ومحمد بن علىّ الباقر : العفو والمغفرة.
(وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) يعني ذي الحجّة في قول أكثر المفسّرين ، والمعدودات أيام التشريق ، وإنّما قيل لها (مَعْدُوداتٍ) لأنّها قليلة ، وقيل للعشر : (مَعْلُوماتٍ) للحرص على علمها بحسابها من أجل أنّ وقت الحج في آخرها.
وقال مقاتل : المعلومات أيام التشريق.
محمد بن كعب : المعدودات والمعلومات واحدة.
(عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) يعني الهدايا والضحايا من الإبل والبقر والغنم.
(فَكُلُوا مِنْها) أمر إباحة وليس بواجب. قال المفسرون : وإنّما قال ذلك لأنّ أهل الجاهلية كانوا ينحرون ويذبحون ولا يأكلون من لحوم هداياهم شيئا.
(وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ) يعني الزمن (الْفَقِيرَ) الذي لا شيء له (ثُمَّ لْيَقْضُوا) واختلف القرّاء في هذه اللامات فكسرها بعضهم فرقا بين ثم والواو والفراء لأن ثمّ مفضول من الكلام ، والواو والفاء كأنهما من نفس الكلمة ، وجزمها الآخرون لأنّها كلّها لامات الأمر (تَفَثَهُمْ) والتفث : مناسك الحج كلّها عن ابن عمر وابن عباس.
__________________
(١) العهود المحمّدية ـ الشعراني. : ٤٣٧.