أحدهما : أن يكون (أَنَّا) في محلّ الرفع ردّا على العاقبة.
والثاني : النصب على تكرير (كان) تقديره : كان عاقبة مكرهم التدمير ، واختار أبو عبيد هذه القراءة اعتبار الحرف أي أن دمرناهم ، وقرأ الباقون : إنّا بكسر الألف على الابتداء.
(دَمَّرْناهُمْ) يعني أهلكنا التسعة ، واختلفوا في كيفية هلاكهم.
فقال ابن عباس : أرسل سبحانه الملائكة فامتلأت بهم دار صالح فأتى التسعة الدار شاهرين سيوفهم فرمتهم الملائكة بالحجارة من حيث يرون الحجارة ولا يرون الملائكة فقتلتهم.
قال قتادة : خرجوا مسرعين الى صالح فسلّط الله عليهم صخرة فدمغتهم.
مقاتل : نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضا ليأتوا دار صالح ، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم.
السدّي : خرجوا ليأتوا صالحا فنزلوا خرقا من الأرض يتمكنون فيه فانهار عليهم.
(وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) بالصيحة وقد مضت القصة.
(فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) خالية ، قراءة العامّة بالنصب على الحال عن الفرّاء والكسائي وأبو عبيدة عن القطع مجازه : فتلك بيوتهم الخاوية ، فلمّا قطع منها الألف واللام نصبت كقوله سبحانه (وَلَهُ الدِّينُ واصِباً) (١) وقرأ عيسى بن عمر خاويةٌ بالرفع على الخبر (بِما ظَلَمُوا) أي بظلمهم (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) لعبرة (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) من صيحة جبريل ، والخراج الذي ظهر بأيديهم.
قال مقاتل : خرج أوّل يوم على أيديهم مثل الحمّصة أحمر ثمّ اصفرّ من الغد ، ثمّ اسودّ اليوم الثالث ، ثمّ تفقّأت ، وصاح جبريل عليهالسلام في خلال ذلك فخمدوا ، وكانت الفرقة المؤمنة الناجية أربعة آلاف ، خرج بهم صالح إلى حضرموت ، فلمّا دخلها صالح مات ، فسمّي (حضرموت).
قال الضحّاك : ثمّ بنى الأربعة آلاف مدينة يقال لها : (حاضورا) (٢) وقد مضت القصّة جميعا (٣).
(وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً
__________________
(١) سورة النحل : ٥٢.
(٢) هكذا في المخطوطة ، وفي تفسير القرطبي : ١٢ / ٧٥. حضوراء.
(٣) راجع القصّة في تفسير القرطبي : ١٢ / ٧٥.