الحسنة بالواحدة عشرا صاعدا ، فهذا خير منها ، وقد أحسن بن كعب وابن زيد في تأويلهما لأنّ للإضعاف خصائص منها أنّ العبد يسئل عن عمله ولا يسأل عن الإضعاف ، ومنها أنّ للشيطان سبيلا إلى عمله ولا سبيل له إلى الإضعاف ، ولأنّه لا مطمع للخصوم في الإضعاف ، ولأنّ دار الحسنة الدنيا ودار الإضعاف الجنّة ، ولأنّ الجنّة على استحقاق العبد ، والتضعيف كما يليق بكرم الربّ (وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) قرأ أهل الكوفة (فَزَعٍ) منونا (يَوْمَئِذٍ) بنصب الميم وهي قراءة ابن مسعود ، وسائر القرّاء قرءوا بالإضافة واختاره أبو عبيد قال : لأنّه أعمّ التأويلين أن يكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم ، وإذا قال : مِنْ فَزَعِ يَوْمِئِذٍ صار كأنّه فزع دون فزع ، وهو اختيار الفرّاء أيضا ، قال : لأنّه فزع معلوم ، ألا ترى أنّه قال : (لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) (١) فصيّر معرفة؟ فإذا أضفته كان معرفة فهو أعجب إلي (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) يعني الشرك.
أخبرنا عبد الله بن حامد الوزّان قال : أخبرنا مكّي بن عبدان قال : حدّثنا عبد الله بن هاشم قال : حدّثنا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن أبي المحجل ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) قال : لا إله إلّا الله. (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) قال : الشرك.
وأخبرنا عبد بن حامد قال : أخبرنا أبو الحسن محمّد بن شعيب البيهقي قال : حدّثنا بشر ابن موسى قال : حدّثنا روح ، عن حبيب بن الشهيد ، عن الحسن قال : ثمن الجنّة لا إله إلّا الله.
(فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ) قال ابن عباس : ألقيت ، الضحّاك : طرحت ، أبو العالية : قلبت ، وقيل لهم : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّما أُمِرْتُ) يقول الله سبحانه لنبيّه محمّد عليهالسلام قل : (إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها) يعني مكّة جعلها حرما آمنا ، فلا يسفك فيها دم حرام ، ولا يظلم فيها أحد ، ولا يهاج ، ولا يصطاد صيدها ، ولا يختلي خلالها ، وقرأ ابن عباس «التي حرمها» إشارة إلى البلدة.
(وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) خلقا وملكا (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ) (وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ) (٢) نسختها آية القتال (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على نعمه ، (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) يعني يوم بدر ، نظيرها في سورة الأنبياء : (سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) وقال مجاهد : (سَيُرِيكُمْ آياتِهِ) في أنفسكم وفي السماء والأرض والرزق ، دليله قوله : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) (٣) وقوله : (وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ) (٤) (فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).
__________________
(١) سورة الأنبياء : ١٠٣.
(٢) سورة يس : ١٧.
(٣) سورة فصّلت : ٥٣.
(٤) سورة الذاريات : ٢٠ ـ ٢١.