وأخبرنا عبد الله (١) ـ إجازة ـ قال : أخبرنا عثمان بن أحمد قال : حدثنا علي بن إبراهيم الواسطي قال : حدثنا منصور بن مهاجر قال : حدثنا أبو النصر الأبار ، عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الجنة تحت أقدام الأمهات» [١٤١] (٢).
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ) أي في زمرتهم وجملتهم ، وقال محمد بن جرير : أي في مدخل الصالحين (٣) وهو الجنة ، وقيل : في بمعنى مع ، والصالحون هم الأولياء والأنبياء.
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ) أي أذاهم وعدائهم (كَعَذابِ اللهِ) في الآخرة فارتد عن إيمانه (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَ) هؤلاء المرتدون (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) وهم كاذبون (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ وَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ) أي ليميّزنهم ويظهر أمرهم بالابتلاء والاختبار والفتن والمحن.
واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآية : فقال مجاهد : نزلت في ناس كانوا يؤمنون بألسنتهم ، فإذا أصابهم بلاء من الله ومصيبة في أنفسهم افتتنوا. الضحاك : نزلت في ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون ، فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك. عكرمة عن ابن عباس : نزلت في المؤمنين الذين أخرجهم المشركون معهم إلى بدر ، فارتدوا وهم الذين نزلت فيهم (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) (٤) ... الآية ، وقد مضت القصة. قتادة : نزلت هذه الآية في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة.
وهذه الآيات العشر مدنية إلى هاهنا ، وسائرها مكي ، وقال مقاتل والكلبي : نزلت في العياش بن أبي ربيعة بن مغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي ، وذلك إنّه أسلم فخاف أهل بيته فهاجر إلى المدينة قبل أن يهاجر النبي عليهالسلام ، فحلفت أمه أسماء بنت مخرمة ابن أبي جندل بن نهشل التميمي أن لا تأكل ولا تشرب ولا تغسل لها رأسا ولا تدخل بيتا حتى يرجع إليها ، فلما رأى ابناها ـ أبو جهل والحارث ابنا هشام وهما أخوا عيّاش لأمّه ـ جزعها وحلفها رهبا في ظلمة حتى أتيا المدينة فلقياه ، فقال أبو جهل لأخيه عياش بن أبي ربيعة : قد علمت أنّك أحبّ إلى أمّك من جميع ولدها وكنت بها بارا ، وقد حلفت أمك إنّها لا تأكل ولا تشرب ولا تغسل رأسها ولا تدخل بيتا حتى ترجع إليها ، وأنت تزعم أنّ في دينك بر الوالدين ، فارجع إليها فإنّ ربّك الذي تعبده بالمدينة هو ربك بمكة فاعبده بها ، فلم يزالا به حتى أخذ
__________________
(١) في نسخة أصفهان : عبد الله بن حامد إجازة عن عثمان بن أحمد.
(٢) الجامع الصغير : ١ / ٥٦٣.
(٣) في نسخة أصفهان : أي في زمرتهم.
(٤) سورة النساء : ٩٧.