وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا صلاة لمن لم يطع الصلاة ، وإطاعة الصلاة أن (تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)» [١٤٨] (١).
وروى أبو سفيان عن جابر قال : قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ فلانا يصلي بالنهار ويسرق بالليل ، فقال : «إنّ صلاته لتردعه» [١٤٩] (٢).
وقال أنس بن مالك : كان فتى من الأنصار يصلي الصلاة (٣) مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثم لا يدع شيئا من الفواحش إلّا ركبه ، فوصف لرسول الله عليهالسلام حاله ، فقال : «إنّ صلاته تنهاه يوما ما» (٤) ، فلم يلبث أن تاب وحسن حاله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ألم أقل لكم إنّ صلاته تنهاه يوما ما» [١٥٠].
وقال ابن عون : معناه أنّ الصلاة تنهى صاحبها (عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) مادام فيها ، وقال أهل المعاني : ينبغي أن تنهاه صلاته كقوله : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٥).
(وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) اختلفوا في تأويله ، فقال قوم : معناه (وَلَذِكْرُ اللهِ) إياكم أفضل من ذكركم إياه ، وهو قول عبد الله وسلمان ومجاهد وعطية وعكرمة وسعيد بن جبير ، ورواية عبد الله بن ربيعة عن ابن عباس ، وقد روى ذلك مرفوعا : أخبرناه الحسين بن محمد بن الحسين الدينوري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني ، قال : حدثني أحمد بن علي بن الحسين ، قال : حدثنا إبراهيم بن أبي داود البزكي ، قال : حدثنا الحسين اللهبني ، قال : حدثنا صالح بن عبد الله بن أبي فروة ، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، عن عمّه موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال في قول الله سبحانه : (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) قال : «ذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه» (٦) [١٥١].
قالت الحكماء : لأنّ ذكر الله سبحانه للعبد على حدّ الاستغناء ، وذكر العبد إياه على حدّ الافتقار ، ولأنّ ذكره دائم ، وذكر العبد مؤقت ، ولأنّ ذكر العبد بحد رفع أو دفع ضر ، وذكر الله سبحانه إياه للفضل والكرم. وقال ذو النون : لأنّك ذكرته بعد أن ذكرك ، وقال ابن عطاء : لأنّ ذكره لك بلا علة ، وذكرك مشوب بالعلل. أبو بكر الوراق : لأنّ ذكره تعالى للعبد أطلق لسانه بذكره له ، ولأنّ ذكر العبد مخلوق وذكره غير مخلوق. وقال أبو الدرداء وابن زيد وقتادة : معناه (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) مما سواه وهو أفضل من كل شيء.
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٥ / ١٤٦.
(٢) تفسير مجمع البيان : ٨ / ٢٩.
(٣) في نسخة أصفهان : الصلوات.
(٤) تفسير القرطبي : ١٣ / ٣٤٨.
(٥) سورة آل عمران : ٩٧.
(٦) جامع البيان للطبري : ٢٠ / ١٩٠.