كسرى وقيصر أضعافا مضاعفة ، ولكني أجوع يوما وأشبع يوما فكيف بك يا ابن عمر إذا عمرت وبقيت في حثالة من الناس يخبّؤون رزق سنة ويضعف اليقين» (١) [١٦٤] ، فنزلت على رسول الله عليهالسلام : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) ... الآية.
أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن حنيش ، حدثنا أبو يعلى الموصلي ، حدثنا يحيى من معين ، حدثنا يحيى بن اليمان ، عن سفيان ، عن علي بن الأرقم (٢) (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) قال : لا تدخر شيئا لغد.
قال سفيان : ليس شيء مما خلق الله يخبّئ إلّا الإنسان والفأرة والنملة.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ. اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ. وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) يعني الدائمة الباقية التي لا زوال لها ولا موت فيها. (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ولكنهم لا يعلمون ذلك.
(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) وخافوا الغرق والهلاك (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ. لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) ليجحدوا نعمه في إنجائه إياهم وسائر الآية (وَلِيَتَمَتَّعُوا) جزم لامه الأعمش وحمزة والكسائي وخلف وأيوب ، واختلف فيه عن عاصم ونافع وابن كثير ، الباقون بكسر اللام واختاره أبو عبيد (لِيَكْفُرُوا) لكون الكلام نسقا. ومن جزم احتج بقراءة أبي بن كعب يمتعوا. (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ).
أخبرني أبو محمد عبد الله بن حامد ـ فيما أذن لي روايته عنه ـ قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي سعيد ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن أسكت ، قال : حدثنا عقال ، قال : حدثنا جعفر بن سلمان قال : حدثنا ملك بن دينار ، قال : سمعت أبو العالية قرأ ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف يعلمون بالياء ، فالكسر على كي والجزم على التهديد.
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ) بالأصنام (يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ) يعني الإيمان (يَكْفُرُونَ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) فزعموا أنّ لله شريكا ، وقالوا (إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً ، قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللهُ أَمَرَنا بِها) (٣).
__________________
(١) الدرّ المنثور : ٥ / ١٤٩ ، تفسير القرطبي : ١٣ / ٣٥٩ ، وتفسير ابن كثير : ٣ / ٤٣٠ ، وبتفاوت في مجمع الزوائد : ١٠ / ٣٢١.
(٢) في نسخة أصفهان : الأقمر.
(٣) سورة الأعراف : ٢٨.