قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ).
قال الكلبي ومقاتل : نزلت في النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد الدار بن قصي ، كان يتجر فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدّث بها قريشا ويقول لهم : إنّ محمّدا يحدّثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأعاجم والأكاسرة ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ، وقال مجاهد : يعني شراء [القيان] والمغنّين ، ووجه الكلام على هذا التأويل يشتري ذات أو ذا لهو الحديث.
أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المزكى سنة ثلاث وثمانين ، حدّثني جدّي محمد بن إسحاق بن خزيمة] عن علي بن خزيمة] عن علي بن حجرة ، عن مستمغل بن ملجان الطائي ، عن مطرح بن يزيد ، عن عبيد الله بن زجر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا يحلّ تعليم المغنيات ولا بيعهن ، وأثمانهن حرام ، وفي مثل هذا نزلت هذه الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ...» [١٨٠] (١) إلى آخر الآية.
وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلّا بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتّى يكون هو الذي يسكت.
وقال آخرون : معناه يستبدل ويختار اللهو والغناء والمزامير والمعازف على القرآن وقال : سبيل الله : القرآن.
وقال أبو الصهباء البكري : سألت ابن مسعود عن هذه الآية ، فقال : هو الغناء والله الذي لا إله إلّا هو يردّدها ثلاث مرّات ، ومثله روى سعيد بن جبير عن ابن عبّاس. ابن جريج : هو الطبل. عبيد عن الضحّاك : هو الشرك. جويبر عنه : الغناء ، وقال : الغناء مفسدة للمال ، مسخطة للربّ مفسدة للقلب. وقال ثوير بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عبّاس : نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية تغنّيه ليلا ونهارا. وكلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله إلى ما نهى عنه فهو لهو ومنه الغناء وغيره. وقال قتادة : هو كلّ لهو ولعب. قال عطاء : هو الترّهات والبسابس.
وقال مكحول : من اشترى جارية ضرّابة ليمسكها لغناها وضربها مقيما عليه حتّى يموت لم أصلّ عليه ، إنّ الله عزوجل يقول : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) ... إلى آخر الآية.
وروى علي بن يزيد عن القاسم بن أبي أمامه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله تعالى بعثني رحمة وهدى للعالمين وأمرني بمحق المعازف والمزامير والأوتار والصّلب وأمر الجاهلية ، وحلف ربّي بعزّته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر متعمّدا (٢) إلّا سقيته من الصديد مثلها
__________________
(١) سنن الترمذي : ٢ / ٣٧٥ بتفاوت ، والسنن الكبرى : ٦ / ١٤ ، وكنز العمال : ٤ / ٣٩.
(٢) غير موجودة في المصدر.