صلوات الله عليهم ، يقال : نزلت هذه الآية لمّا قال المشركون (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) (١) فأخبر أن الاختيار إليه ، يختار من يشاء من خلقه.
(إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لقولهم (بَصِيرٌ) بمن يختاره لرسالته.
(يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) يعني ما كان بين أيدي ملائكته ورسله قبل أن يخلقهم.
(وَما خَلْفَهُمْ) ويعلم ما هو كائن بعد فنائهم.
وقال الحسن : (ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) ما عملوه ، (وَما خَلْفَهُمْ) ما هم عاملون ممّا لم يعملوه بعد.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢).
أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال : أخبرنا مكي بن عبدان قال : حدّثنا محمد بن يحيى قال : وفيما قرأت على عبد الله بن نافع ، وحدّثني مطرف بن عبد الله عن مالك عن نافع أنّ رجلا من أهل مصر أخبر عبد الله بن عمر أنّ عمر بن الخطاب رضياللهعنه قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين ثمّ قال : انّ هذه السورة فضّلت بسجدتين.
وبإسناده عن مالك عن عبد الله بن دينار أنّه قال : رأيت عبد الله بن عمر سجد في الحج سجدتين.
وأخبرنا أبو بكر الجوزقي قال : أخبرنا أبو العباس الدعولي قال : حدّثنا ابن أبي خيثمة قال : حدّثنا أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة قال : حدّثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن صفوان بن مهران أن أبا موسى قرأ على منبر البصرة سورة الحج ، فنزل فسجد فيها سجدتين.
وحدّثنا أبو محمد المخلّدي قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن مسلم قال : حدّثنا محمد ابن مسلم بن دارة قال : حدّثنا محمد بن موسى بن أعين قال : قرأت على أبي عن عمرو بن الحرث عن ابن لهيعة ان شريح بن عاها حدّثه عن عقبة بن عامر قال : قلت : يا رسول الله في سورة الحج سجدتان؟ قال : نعم إن لم تسجدهما فلا تقرأهما.
(وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ) يعني وجاهدوا في سبيل الله أعداء الله حق جهاده ، وهو استفراغ الطاقة فيه ، قاله ابن عباس ، وعنه أيضا : لا تخافوا في الله لومة لائم وذلك حق الجهاد.
وقال الضحاك ومقاتل : يعني اعملوا لله بالحقّ حقّ عمله ، واعبدوه حقّ عبادته.
عبد الله بن المبارك : هو مجاهدة النفس والهوى وذلك حقّ الجهاد ، وهو الجهاد الأكبر
__________________
(١) سورة القمر : ٢٥.
(٢) السنن الكبرى : ٢ / ٣١٧.