فأمّا اللاتي في الدنيا فيذهب البهاء ويورث الفقر وينقص العمر ، وأمّا اللاتي في الآخرة فيوجب السخطة وسوء الحساب (١) والخلود في النار» (٢).
وأخبرنا أبو طاهر بن خزيمة قرأه عليه في شهور سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة قال : حدّثنا عبد الله بن محمد بن مسلم قال : حدّثنا عطية بن بقية قال : حدّثنا أبي قال : حدّثني عبّاد بن كثير عن عمران القصير عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنّ أعمال أمتي تعرض علىّ في كلّ جمعة مرّتين فاشتدّ غضب الله على الزناة (٣).
وأخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه قال : حدّثنا إبراهيم بن يزيد (٤) الحرّاني قال : حدّثنا المغيرة ابن سقلاب قال : حدّثنا النضر بن عدي عن وهب بن منبه قال : مكتوب في التوراة : الزاني لا يموت حتى يفتقر ، والقوّاد لا يموت حتى يعمى.
(الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً) الآية.
اختلف العلماء في معنى الآية وحكمها فقال قوم : قدم المهاجرون المدينة وفيهم فقراء كثير ليست لهم أموال ولا عشائر ولا أهلون ، وبالمدينة نساء بغايا مسافحات يكرين أنفسهن وهن يومئذ أخصب أهل المدينة ، فرغب في كسبهن ناس من فقراء المسلمين فقالوا : إنّا لو تزوّجنا منهن فعشنا معهن إلى يوم يغنينا الله سبحانه عنهن ، فاستأذنوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ذلك فنزلت هذه الآية وحرّم فيها نكاح الزانية صيانة للمؤمنين عن ذلك ، وأخبر سبحانه وتعالى أنّ الزانية إنّما ينكحها الزاني والمشرك لأنهنّ كنّ زانيات مشركات ، والآية وإن كان ظاهرها خبر فمجازها ينبغي أن يكون كذا كقوله (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) (٥) وقوله سبحانه وتعالى (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) (٦) يعني ينبغي أن تكون كذلك ، وهذا قول مجاهد وعطاء بن أبي رباح وقتادة والزهري والقاسم بن أبي برزه والشعبي وأبي حمزة الثمالي ورواية العوفي عن ابن عباس.
وقال عكرمة : نزلت في نساء بغايا متعالمات بمكة والمدينة وكنّ كثيرات ومنهن تسع صواحب رايات ، لهن رايات كرايات البيطار يعرفن بها : أمّ مهزول جارية السائب بن أبي السائب المخزومي ، وأم عليط جارية صفوان بن أميّة ، وحنّة القبطية جارية العاص بن وائل ،
__________________
(١) في النسخة الثانية زيادة : محمد بن الفضل بن محمد.
(٢) كنز العمّال : ٥ / ٣١٩.
(٣) تفسير القرطبي : ١٢ / ١٦٧.
(٤) في النسخة الثانية : وأخبرنا أبو عبد الله بن فنجويه عن أبي علي بن حبيش المقري عن محمد بن أحمد بن هارون بسرّ من رأى ، قال أبو بكر محمد بن يعقوب الدينوري ، حدثني إبراهيم بن زيد.
(٥) سورة آل عمران : ٩٧.
(٦) العنكبوت : ٤٥.